كوكب الأرض.. مريضٌ فعلاً

بانوراما 2023/07/08
...

  سيث بورنشتاين
  ترجمة: بهاء سلمان

كشفت دراسة جديدة أنَّ الأرض تجاوزت سبعة حدود من أصل ثمانية حدود للأمان تم تحديدها علمياً، ودخلت في «منطقة الخطر»، ليس فقط بسبب ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وفقد مناطقه الطبيعية، ولكنْ من أجل رفاهية البشرية التي تعيش عليه. ولا تتناول الدراسة حواجز حماية النظام البيئي الكوكبي فحسب، بل تشمل أيضاً لأول مرة تدابير منع الضرر الذي يلحق بالبلدان.

وقام بإجراء الدراسة مجموعة علماء دولية، تطلق على نفسها «ايرث كوميشن»،Earth Commission) ، ونشرتها مؤخراً إحدى المجلات العلمية المتخصصة في المناخ، وتتضمن موضوعات عن تلوّث الهواء، ونسب تلوّث الفوسفور والنيتروجين في المياه جرّاء الإفراط في استخدام الأسمدة، وإمدادات المياه الجوفية، والمياه السطحية العذبة، والبيئة الطبيعية غير المبنية، والبيئة الطبيعية الشاملة والبيئة البشرية التشييد.
لم يصل تلوّث الهواء فقط إلى عند نقطة الخطر على الصعيد العالمي، إذ إنَّ تلوث الهواء خطير على المستويين المحلي والإقليمي، بينما كان المناخ يتجاوز المستويات الضارة للإنسان في مجموعات، غير أنه لم يتجاوز إرشادات السلامة للكوكب كنظام، وفقا للدراسة الصادرة عن المجموعة السويدية.
ووجدت الدراسة أن «النقاط الساخنة» لمناطق المشكلات تقع في جميع أنحاء أوروبا الشرقية وجنوب آسيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأجزاء من أفريقيا ومعظم البرازيل والمكسيك والصين، وأجزاء من غرب الولايات المتحدة، معظمها جرّاء تغيّر المناخ. على سبيل المثال، فإنَّ نحو ثلثي مساحة الأرض محرومة من معايير سلامة المياه العذبة، بحسب قول العلماء.

تشخيصٌ واضح
وإذا كان كوكب الأرض قد خضع للتو لفحص سنوي، على غرار الفحص الجسدي للشخص، «سيقول طبيبنا إنّ الأرض مريضة حقاً في الوقت الحالي، وهي مصابة بعلل من حيث العديد من المناطق أو الأنظمة المختلفة، وهذا المرض يؤثر أيضاً في الناس»، كما تقول «جويتا غوبتا»، نائبة رئيس مجموعة ايرث كومشن، وأستاذة البيئة في جامعة أمستردام، من خلال تصريحات صحفية.
لا تعدّ هذه الحال تشخيصاً نهائياً، إذ يقول العلماء إنَّ الكوكب يمكن أنْ يتعافى إذا تغيّر استخدامه للفحم والنفط والغاز الطبيعي، والطريقة التي يعامل بها الأرض والمياه، بحسب العلماء. لكننا «نتحرك بالاتجاه الخاطئ لكل هذه الأمور»، بحسب المؤلف الرئيس للدراسة «يوهان روكستروم»، مدير معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا.
أما «اندي بيرك»، عميد كلية ييل للبيئة، فقد قالت عبر رسالة الكترونية لها، رغم كونها لم تشارك في الدراسة: «يعد هذا البحث مثيرا للاستفزاز، فهو من الناحية العلمية سليم المنهجية، ومهم لتحديد الأبعاد التي يقترب فيها الكوكب من حافة حدود لا رجعة فيها عن الدمار.
وأوجد فريق البحث المكوّن من نحو 40 عالماً، حدوداً قابلة للقياس الكمي لكل فئة بيئية، لكل ما هو آمنٌ لكوكب الأرض والنقطة التي يصبح فيها ضاراً لمجموعات من الناس، وهو ما وصفه الباحثون بأنه مشكلة تتعلّق بالعدالة. ويشير روكستروم إلى اعتقاده بأن هذه النقاط وكأنها إقامة «سياج أمان» تصبح المخاطر خارجه أكبر، ولكن ليس بالضرورة أن تكون قاتلة.

تطبيقات جديدة
جرب روكستروم  وعلماء آخرون في ما مضى هذا النوع من القياس الشامل للنظم البيئية المتشابكة المختلفة للأرض، ويكمن الاختلاف الكبير في هذه المحاولة في أنَّ العلماء تفحّصوا أيضاً المستويين المحلي والإقليمي، وأضافوا عنصر العدالة. ويتضمّن جزء العدالة الإنصاف بين الأجيال الشابة والمسنّة، وبين الأمم المختلفة، وحتى بين الأنواع المختلفة. وفي كثير من الأحيان، تنطبق فكرة العدالة على الظروف التي تضرّ الناس بشكل أكبر مما تضر الكوكب.
المثال على ذلك هو تغيّر المناخ. يستخدم التقرير حدود الاحترار ذاتها البالغة 1.5 درجة مئوية، أي2.7 درجة فهرنهايت، منذ عصور ما قبل الثورة الصناعية التي اتّفق عليها قادة العالم عبر اتفاقية باريس للمناخ للعام 2015. ويقول كل من روكستروم وغوبتا إن العالم قد ارتفعت درجة حرارته حتى الآن بمقدار درجتين فهرنهايت، لذا لم يعبر سياج الأمان هذا، لكن هذا لا يعني أن الناس لا يتعرّضون للأذى.
يقول غوبتا: «ما نحاول إظهاره من خلال دراستنا هو أنه حتى عند درجة مئوية واحدة، أي ما يعادل 1.8 درجة فهرنهايت، يحصل هناك قدر هائل من الضرر»، مشيراً إلى تعرّض عشرات الملايين من الناس لدرجات حرارة شديدة.
«الاستدامة والعدالة لا ينفصلان،» بحسب «كريس فيلد»، رئيس الدراسات البيئية بجامعة ستانفورد، مشيراً إلى رغبته في فرض حدود أكثر صرامة، ويضيف: «لا تحتاج الظروف غير الآمنة إلى تغطية جزء كبير من مساحة الأرض لتكون غير مقبولة، خاصة إذا كانت الظروف غير الآمنة تستهدف المجتمعات الفقيرة والضعيفة».

وكالة اسيوشيتد برس الأميركية