علي حسن الفواز
لا توجد حرب بدون سياسة، وهناك من يقول بأنّ الحربَ هي الوجهُ الآخر للسياسة، وهذا مايجعل العلاقة بينهما محفوفة بالخطر دائماً، ليس بسبب احتمال تضخمهما، وانزلاقهما إلى «صراعات مزمنة» و»كراهيات مزمنة» بل لما يرتبط بهما من مخاوف، قد تدفع إلى صناعة رعب دولي من الصعب السيطرة على أسلحته الفتّاكة، وعلى ما ستعانيه المجتمعات من كوارثه المحتملة، على مستوى طبيعة الحرب وما بعدها، أو على مستوى خطايا السياسة وما بعدها.
فما يجري في حرب الدونباس من صراعات مُمهَدة للتمدد، ومن سياسة قابل للتحوّل إلى كراهيات فاضحة، يكشف عن خطورة ما يمكن أن تنزلق إليه الأمور، فالحرب بأسلحتها المحظورة ستُهدد الأمن الجغرافي والبيئي، وستضع العالم أمام حربٍ أكثر بشاعة، حيث المناخ الذي سيفقد توازنه، بسبب سوء استخدام الطاقة، وزيادة نسب التلوث، بما فيها تلوثات الأسلحة، وحيث تخريب الأراضي الصالحة للزراعة، والتي ستُهدد الكثيرين بالمجاعة والجفاف والتصحّر.
تصريح وزير الخارجية الأميركي انتوني بيلكن حول “ مواصلة الولايات المتحدة دعم أوكرانيا، حتى تتكبّد روسيا ثمناً باهظاً، عبر العقوبات، وعبر القيود على الصادرات، ولكي تتمكن أوكرانيا من الاستمرار في الدفاع عن نفسها، وتكون في أقوى موقف ممكن على طاولة المفاوضات عندما يحين الوقت» .
هذا التصريح، يؤشّر مدى المسار الصعب الذي ستتخذه الحرب، فبقدر ما يبدو توصيف مفهوم الدعم مكشوفاً على حسابات متعددة، تبدأ من سياسة التسليح المُكثّف، وبأسلحة فائقة الخطورة والتدمير، لاسيما القاذفات العنقودية، ولا تنتهي عند الإجراءات الصارمة التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها في استمرار سياسة فرض العقوبات والقيود الاقتصادية على روسيا، وهو ما دفع ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إلى تصريح مُضاد حول تضخيم عسكرة الجبهات بالسلاح المحظور” إنه سلاح خارق آخر تعتمد عليه واشنطن وكييف من دون مراعاة عواقبه الوخيمة، لكنه لن يؤثر بأي حال من الأحوال في مسار العملية العسكرية الخاصة والأهداف والغايات التي ستتحقق بالكامل”.
هذه التصريحات المتقاطعة، لا تُعيدنا إلى أجواء حرب الأيديولوجيات والإعلام الناعم فحسب، بل تضعنا أمام مساحة خشنة وملغومة بالكراهيات، والفخاخ المرعبة، وربما بأشباح سبرانية يمكن أن تُهدد العالم بالخرق المعلوماتي والأمني والشخصي، فضلاً عن التهديد المرعب بالجوع، وهو ما بات رهيناً سياسياً بالاتفاقيات حول تنفيذ صفقات توريد الحبوب إلى الدول التي تعاني من تهديدات
الحاجة إلى الغذاء.