محمد القبانجي يغني لرئيس عصابة !!

الصفحة الاخيرة 2019/04/27
...

عبد الجبار العتابي 
من الاسرار الطريفة التي تكتنفها حياة مطرب العراق الاول محمد القبانجي ( 1904- 1989)، انه وجد نفسه امام رئيس عصابة مدجج بالسلاح لاحقته الشرطة بعد تراشق بالرصاص مع عناصرها، فدخل البيت الذي يقيم فيه في زيارته لمدينة البصرة ، ومن ثم لا بد ان يغني له لوحده !!، غنى له (إبهواك إنجسم كَلبي إرباع وانصاف، من اشوفك أندهش وانذهل وأنصاف) !! وكأنه بها يخاطبه، والحكاية الظريفة تتمثل ان القبانجي اقام حفلاً غنائياً في البصرة خلال عقد الاربعينيات، و كانت شهرة القبانجي قد سبقته ، وبعد الانتهاء منه عاد ومعه خادمه الخاص، اسمه (صويلح) وله اهل في البصرة، وبعد ان وصلا الى المكان الذي يقيمان فيه استأذن صويلح من القبانجي في الذهاب لمدة ساعتين لزيارة اهله، واوصاه القبانجي ان لا يتأخر ويدعه وحده في هذا البيت ، كان حينها الوقت بعد المغرب بساعتين ، وبعد وقت قصير من ذهاب صويلح حتى صار القبانجي يسمع صوت اطلاقات نارية قريبة جداً منه، ومن ثم هدأ كل شيء ، واطمأن القبانجي وراح يتمشى على سطح الدار، فشاهد شخصاً قاعداً في ما يسمى بـ (الطرار) ، وهو المكان المظلل الجانبي في البيت، كان الشخص لابساً العقال ، فصاح عليه القبانجي (صويلح)، لكنه لم يرد ، فتسرب الخوف الى نفس القبانجي الذي اعتقد ان هذا الشخص مبعوث اليه لامر ما، واحتار القبانجي في امره ، وراودته فكرة ان يذهب الى الجيران من المكان الذي هو فيه (السطح) لكنه تراجع عنها خشية ان يحسبه الجيران لصاً، فيضربونه ، فتمالك نفسه ثم صاح مرة ثانية (صويلح!!) ،فأجابه هذا الشخص من (الطرار) : انا خادمك .. لكنني (مو صويلح) ،فقال له القبانجي : اذن من انت ؟، فطلب منه الشخص ان يأتي اليه لكن القبانجي طلب منه الامان ، فرد عليه الشخص بكلمة (روحي فداك !!!)، وصعد له الشخص الى السطح وفوجئ القبانجي وهو يرى امامه شخصاً مدججاً بالسلاح ورائحة البارود تفوح منه ، قال له : من انت ؟ قال : انا شيروان ..، ثم اردف : ألم تسمع الرصاص الذي كنت اتبادله مع الشرطة ؟!!، اجابه القبانجي بـ (نعم) ولكنه سأله (شلون خشيت؟) فشرح له انه رأى الباب مشرعاً، فدخل واغلقه خلفه ،وكان (صويلح) قد ترك الباب مفتوحاً كي لا يزعج القبانجي حين عودته من زيارة اهله، والاطرف ان القبانجي يعرف من شيروان هذا انه (رئيس عصابة !!) ، ولم يجد القبانجي بداً الا ان يسأل رئيس العصابة هذا عن الذي يريده ،فقال له :سمعتك في الحفل، وانا من المعجبين بك !!،ومن ثم طلب من القبانجي ان يغني له !!، فغنى له (ياظالماً النفس لم تنصف أخا شغفٍ / عليك قد بات محروماً من الوسن، لو كان عندك إنصافٌ ومرحمةٌ / ماخنت صباً فلم يغدر ولم يخــون) و (وأنصاف إبهواك إنجسم كَلبي إرباع وانصاف، من اشوفك أندهش وانذهل وأنصاف، وأنصاف لون عندك مروة وعدل وأنصاف، ما چان إتخون العهد بيّه)، وحين رجع (صويلح) وشاهد هذا الانسان الغريب ، على حد وصف القبانجي له، خاف واندهش واختلى بالقبانجي وقال له (انني خائف من هذا،انه مرعب) لكنه طمأنه مؤكداً له انه ضيفه ومن المعجبين به، ومن الظريف ان رئيس العصابة هذا بقي ثلاث ساعات مع مطرب العراق الاول محمد القبانجي ، واعطاه بعض المال قائلاً له: ان امي ستمر عليك يوم غد فاعطه لها، وتم ذلك بالفعل .