حسن جوان
بحضور السفير العراقي في المملكة المتحدة السيد جعفر الصدر، وحشدٍ من الجالية العراقية والعربية والأفريقية، افتتح المهرجان الثالث لدار لندن للطباعة والنشر، في قاعة (The Stowe Centre) في العاصمة البريطانية.
وشهد المهرجان حفل توقيع الكتب الصادرة حديثاً عن الدار بحضور مؤلفيها، فضلاً عن الاحتفاء بكاتبٍ عن مجمل سيرته الثقافية، وكانت الشخصية المحتفى بها هذا العام الدكتور رشيد الخيون. وقد عرض فيلم تسجيلي بالمناسبة. وأشار الخيون في كلمته إلى أهمية هذه الفعاليات كونها تعيد الروح إلى الحركة الثقافية، والتي تعني في جانبها الآخر الناس.
افتتح الحفل بكلمة موجزة للسيد مضر شبر مدير الدار، أكد فيها أهمية المهرجان بوصفه الآصرة التي ترتبط القارئ المغترب بالكتاب العربي، وتفعيل الثقافة العربية في الساحات الثقافية الأوروبية، مشيراً إلى دور الدار في هذا الفعل.
وتوزعت الكتب بين البحوث والدراسات والرواية والشعر والفكر والترجمة، إلى جانب السيرة الذاتية. وشمل الحفل توقيع عددٍ من الكتب الصادرة حديثاً ومنها: (أديان ومذاهب سرية) لجمال حيدر، و(الشعر بأرواحٍ سبع) لعبد الكريم كاصد، و(بطاقة الهوية) وهي رواية مترجمة عن اللغة الفرنسية، بتعريب الغيني جبريل كروما، و(حقوق الإنسان في الثقافتين العربية والإسلامية) لغانم جواد، و(الجذور) للراحل مهدي السعيد، إلى جانب عددٍ آخر من الإصدارات الحديثة.
وعن أهمية هذه الفعالية وتعزيزها في حياة الجالية العربية، أوضح الكاتب جمال حيدر الذي شارك بكتابيه: (أديان ومذاهب سرية)، و(قمر أحمر على سبايكر): أن «نجاح هذا الفعل الثقافي مرهونٌ باستمراريته وتطوره، وهنا لا بُدَّ من الإشارة إلى ضرورة دعمه لأجل الوصول إلى مستوى يليق بالثقافة بوصفها النتاج الإنساني الأرقى.. فهي كل ما يبقى، وفقاً لتعريفي للثقافة الطرفان، وهنا أعني الكاتب والمتلقي، بحاجة ماسة إلى مهرجانات كهذه لتعزيز الوشائج بينهما
بصورة مباشرة بعيداً عن أي وسيط. وعن تجربة الترجمة من الفرنسية إلى العربية في رواية (بطاقة الهوية) للساحل العاجي جان ماري أديافي، لخص الغيني جبريل كروما مساره بأن «البدايات كانت صعبة، ومن خلال كتابة المقالات الصحفية ترسخت خبرتي قليلاً، وبدأت أسعى نحو معنى الجملة المخفي وليس الظاهر. بصراحة ما زالت هناك صعوبات تواجهني، ولكنْ مع مواصلة العمل أحاول تخطيها"وتأتي هذه الفعالية، وهي الثانية، بعد ما خلفه فايروس كورونا من مآسٍ وفواجع، وانزواء الحياة بعيداً عن مسارها الطبيعي، لتؤكد أهمية العلاقات الإنسانية، خاصة في جانبها الثقافي والمعرفي والفني الذي يعزز من وجودنا كبشر، ودور الثقافة في ترسيخ الوعي الجمعي ضد كل ما يهددنا ويحد من أحلامنا.
الشاعر عبدالكريم كاصد الذي شارك بكتابه (الشعر بأرواحٍ سبع - ارتسامات في الشعر والشعراء) أفصح عن رأيه في الفعالية قائلاً: «لعلّ أهمّ ما يستوقفنا في حفل التوقيع هو أهمية ترسيخ علاقة الكتاب بالقارئ، من خلال حضور المؤلف الذي قد يُضفي على هذه العلاقة ألفةً، وتجسيداً حيّاً يمكن أنْ يمتدَّ إلى ما هو أعمق من ذلك عبر التنظيم الأكثر ملاءمة، واختيار القاعة المزودة بما تحتاجه فعالية نادرة كهذه في المنفى من أجهزة صوتٍ مناسبة ومستلزمات أخرى، وإقامة الحوارات المنظمة، التي تفصح عن مضامين ما هو معروض من الكتب بأبسط الوسائل والأساليب الممكنة التي لا تثقل على الحاضرين، بدلًا من الوقوف المتعب، واختفاء المؤلف بين الحاضرين، وافتقاد المقاعد المهيّأة للزائرين، والتشويش المصاحب للأصوات. وبعيداً عن مثل هذه التفصيلات وغيرها أجد أنَّ نشاطاً كهذا، على ندرته، نحن في أحوج ما نكون إليه اجتماعياً وثقافياً معاً. هنا لا بُدَّ من الثناء على القائمين على هذا الجهد لمواصلتهم الجادة في توسيع دائرة النشر لتشمل مساحات أبعد مما هو موجودٌ إلآن من خلال إقامة مثل هذه الفعاليات المهّمة والاشتراك الدؤوب في معارض الكتب التي تقام في أماكن مختلفة".