معقولة كل هالمخاوف عندك؟

منصة 2023/07/13
...

ما أنْ تكملوا قراءة رسالة (أم سلوى) حتى تتساءلوا: معقولة كل هالمخاوف عدها؟. فهي تقول بالنص إنها تخاف خوفاً شديداً من أشياء كثيرة، وتعترف أنَّ هذه الأشياء ليس لها وجود: (فأنا أشعر أني سأموت من الرعب بسببها. فحين يأتي ظلام الليل، أتخيل الجن خاتلين تحت السرير وحين يموت أحد أقاربي، فإنني أتخيله يقف خلفي حتى وأنا اصلّي، فلا أستطيع التركيز، وفي الكثير من المرات أقطع الصلاة، وإذا كنت في البيت لوحدي لا أستطيع أنْ أدير ظهري لأي مكانٍ مفتوحٍ، بل ألصق ظهري على الجدار لكي أتمكن من رؤية كل ما حولي. أصبح عندي وسواسٌ يطاردني، كذلك لا أستطيع تغطية وجهي بالبطانية، ولا تضحك إذا قلت إنني أخاف من الصَراصِير، بل أصاب بالرعب، ومنذ كنت طفلة، لا يهنأ لي العيش في فصل الصيف لأنَّ فيه تتكاثر هذه الصَراصِير وتتكاثر الأحلام المزعجة بها.
الرجاء مساعدتي فأنا أحياناً أتوقع أني سأفقد عقلي وأدخل المستشفى بسبب هذه المخاوف، خصوصاً أني أمٌ لثلاثة أطفال أحاول أنْ أبعدهم عن المخاوف لكني نقلتها لهم من غير قصدٍ مني، جزاك الله خيراً ونفع بعلمك الناس جميعاً.
(أم سلوى - البصرة)
سيدتي الفاضلة
كثيرٌ من الناس لديهم ما نسميه (مخاوف مرضية)، وتعني الخوف المفرط أو الشديد أو غير المعقول من شيء أو موقفٍ يراه الآخرون عادياً، لكنَّ المصاب به لا يستطيع السيطرة عليه وضبط انفعالاته بالرغم من معرفته أنَّ خوفه هذا غير مناسبٍ وغير معقولٍ وتافه أحياناً، كالخوف المبالغ فيه من الفأرة مثلاً، التي هي حيوان صغير قد يلعب معه طفل بعمر السابعة بينما تثير الرعب والصراخ لدى فتاة بعمر العشرين.
والمخاوف المرضية هي جزءٌ من القلق تتحول أحياناً الى فعلٍ قهري، وغالباً ما يكون سببها خبرات عصابية أو خاطئة تعود لمرحلة الطفولة، وهي شائعة بين الأطفال. تتحول بمرور الزمن الى حالة عصاب قهري إنْ لم يتمّ علاجها في وقتٍ مبكرٍ. ويبدو أنكِ تعرضتِ في طفولتكِ لموقفِ أو خبرة زرعت فيك بذرة هذه المخاوف، كأنْ تكون والدتك أو إحدى قريباتك تخاف كثيراً من الحشرات فنقلتها لكِ كما تفعلين الآن تماماً مع
أطفالك.
والمفارقة عندك يا أمَّ سلوى أنكِ تصلّين، وهذا يعني أنَّكِ مؤمنة، ومع ذلك فأنتِ تخافين من الجن لدرجة أنك تتركين صلاتك خوفاً منهم، وهذا يتعارض مع أصول وواجبات الصلاة التي يجب أنْ يتوجه فيها العبد الى ربه توجهاً كاملاً بأفكاره ومشاعره. نصيحتنا لك هنا أنْ تقرأي "المعوذات" بعد وضوئك وقبيل قيامك للصلاة.
وفي ما يخص مخاوفك من أرواح الموتى، فأنت تعلمين أنَّ أرواحهم انتقلت الى بارئها، وأنها لا يمكن أنْ تؤذيك أو تمسك بسوء. ونصيحتنا لك هنا أنْ اقرأي على أرواحهم سورتي الفاتحة ويس، وشّدي على قلبك وقوّي من إيمانك.
ونصيحة أخرى تبعث في قلبك الطمأنينة وفي روحك السكينة هي أنْ تضعي في كل غرفة من غرف بيتك نسخة من (القرآن الكريم).
وفي ما يخص خوفك من الصراصير، فالمبيدات القاتلة أصبحت متوافرة بكثرة، فاستخدميها برش زوايا المنزل ومرافقه الصحية. وإنْ رأيتي صرصاراً فاعطي "المبيد" لأحد اطفالك ودعيه يقضي عليه، وسترينه جثة هامدة. وليقم أطفالك حفلة انتصار مرحة بالقضاء على الصرصار. فالفكاهة تكون مفيدة في مثل هذه المواقف التي يتضح فيها الخوف المرعب كم هو سخيفٌ وتافه.
نأمل من جنابك الالتزام بهذه الوصايا وإعلامنا بالنتيجة. مع احترامنا وخالص مودتنا.