الأصل الغامض للهنود الحمر

بانوراما 2023/07/17
...

 جيمس فيلتن

 ترجمة: حميد ونيس

هل توجد أوجه تشابه جينية بين شعوب العصر الحجري القديم لشرق الأرض وغربها. فقد كشفت دراسة وراثية جديدة عن أوجه تشابه أثرية وجينية بين شعوب العصر الحجري القديم في الصين واليابان والسكان الأصليين لأميركا، ملقية ضوءا جديدا على أصل البشر الذين وصلوا إلى القارة عبر موجات متتالية خلال العصر الجليدي.
فقد كشفت دراسة الحمض النووي للميتوكوندريا (اجزاء خلوية مزدوجة الغشاء توجد لدى معظم الكائنات حقيقية النواة) عن دليل على حدوث هجرتين كبيرتين على الأقل من الصين إلى قارتي أميركا الشمالية والجنوبية خلال فترة العصر الجليدي. كما كانت هناك هجرة ثالثة إلى اليابان. ويعتقد مؤلفو البحث، وهم مجموعة علماء من الأكاديمية الصينية للعلوم، أن عمليات النزوح البشرية هذه تفسر أوجه التشابه الأثرية والعصر الحجري القديم الملحوظة بين أميركا والصين واليابان. 

وعلى الرغم من أنه كان يعتقد منذ فترة طويلة أن الأميركيين الأصليين ينحدرون من سيبيريا الذين عبروا مضيق بيرينغ، تشير الدلائل الجينية والجيولوجية والأثرية الحديثة إلى أن موجات متعددة من البشر سافروا إلى القارتين الأميركتين من أجزاء مختلفة من أوراسيا. ومع ذلك يؤكد عالم الأنثروبولوجيا الجزيئية في الأكاديمية الصينية للعلوم "يو تشون لي" أن الأصل الآسيوي للأميركيين الأصليين أكثر تعقيدا مما كان متوقعا. ويضيف "لي" أنه إلى جانب مصادر الأجداد الموصوفة سابقا في سيبيريا ومناطق أسترالو- ميلانيزيا وجنوب شرق آسيا، يظهر هذا العمل الجديد أن الساحل الشمالي للصين ساهم ايضا في تجمع الجينات الأميركية الأصلية".


موجات الهجرة 

وللتعمق في هذه العلاقات، تتبع الفريق خطا له فضل في تأسيس سلالة نادرة من الأميركيين الأصليين الذين عبروا القارات، وبمرور الوقت، بحث الفريق في الحمض النووي للميتوكوندريا الذي ينتقل عبر الإناث باستخدام 100 ألف عينة حديثة و15 ألف عينة قديمة، وتمكن من تحديد 216 فردا معاصرا و39 فردا قديما يتشاركون النسب، ورسم الفريق خرائط مساراتهم المتفرعة باستخدام تأريخ الكاربون ومقارنة الطفرات المكتشفة على طول الطريق، وعلى الرغم من أن الدراسة ركزت على الحمض النووي للميتوكوندريا، إلا أن دليل الحمض النووي الصبغي الإضافي يشير إلى أن أسلاف الأميركيين الأصليين عاشوا أيضا في منطقة شمال الصين خلال الوقت نفسه تقريبا مع هؤلاء الأسلاف الإناث.

وفقا لهذا البحث، يمكن رسم الشعاع الأول للهجرة قبل نحو ما بين 19500 و26000 سنة، خلال العصر الجليدي الأخير الأبعد، عندما كان الغطاء الجليدي أكثر كثافة وكانت الظروف في شمال الصين غير ملائمة 

للبشر. 

وحدثت هجرة ثانية قبل نحو ما بين 19 ألف و11500 سنة، خلال فترة الذوبان اللاحقة، عندما كانت هناك زيادة في السكان، ربما بسبب تحسن المناخ، مؤديا إلى التوسع في مناطق جغرافية أخرى.

من المثير للدهشة ، في كلتا الحالتين، أن مؤلفي هذه الدراسة يعتقدون أن البشر القدامى وصلوا إلى القارتين الأميركيتين عبر ساحل المحيط الهادئ، وليس عبر جسر بيرنغ البري، (وهي الأراضي التي ربطت سيبيريا وألاسكا) خلال العصر الجليدي الأخير، الذي شهد بداية مرحلة ذوبان الجليد، تشعبت مجموعة مهاجرة ثالثة من الساحل الشمالي للصين وتوجهت نحو جزر اليابان، وهو اكتشاف يفسر أوجه التشابه الأثري والجيني بين شعوب العصر الحجري القديم في الصين واليابان والقارتين الأميركيتين. ويشير الباحثون إلى أن هذا يشير إلى أن علاقة العصر الجليدي بين القارة الأميركية والصين واليابان لم تقتصر على الثقافة ولكن أيضا على علم الوراثة. ويخطط الفريق للتحقيق في المزيد من السلالات للحصول على صورة أكثر اكتمالا عن المنطقة التي جاء منها الأميركيون الأوائل."


صحيفة لايف ساينس الأميركية