حسن العاني
يزعم علماء النفس والمعنيون بدراسة الأحلام وتفسيرها - المقصود بالأحلام هنا لا يراد به حلم الشاب بالزواج من فتاة لا يرى أفضل منها ولا أحلى قبل الزواج، ولا (... منها .. ولا) بعد الزواج، أو حلم المرأة بالزواج من رجل ثري، قادر على قضاء شهر العسل معها في باريس، واهدائها مركبة (أحدث موديل) مع كيلوين ذهب وكم مليون دولار (مصرف جيب) بغض النظر عن عمره وأخلاقه وثقافته، كما لا يراد بها أحلام السياسي لأنها تبدأ بحجم (الخردلة) ولا تنتهي بحجم (الفيل)- المقصود هو ما يراه النائم في أثناء نومه أو قيلولته!.
يذهب العلماء إلى أن الأحلام أربعة أنواع، الأول يعود إلى ما تختزنه الذاكرة من مواقف وأحداث قديمة تعود إلى مرحلة الطفولة، ومعظمها مما ينساها الإنسان وإن كان العقل الباطن يحتفظ بها، والثاني رغبات وأمنيات مكبوتة يصعب في العادة الافصاح عنها، ولذلك تراوده كثيراً في أحلامه من باب التعويض، والثالث يأتي عادة من تناول أطعمة (ثقيلة) في وقت متأخر من الليل، أو الذهاب بعد تناول العشاء إلى النوم مباشرة، وهذا النوع غالباً ما يكون مصحوباً بأحلام غريبة ومخيفة، ربما تدفع صاحبها إلى الاستيقاظ فزعاً، ويطلق على مثل هذه الأحلام اسم (الكوابيس)، أما النوع الرابع فيمثل انعكاساً لما نمر به من أحداث ومواقف في ذلك اليوم أو في أيام قريبة، مع ملاحظة أن المهم من الأحداث والمواقف هي التي تراود النائم، من دون أن أغفل الإشارة هنا إلى أن 98 % من أحلامنا تأتي على هيئة رموز بسيطة يمكن تحليلها وفهمها، وقد تأتي في معظمها بصيغة رموز صعبة يقتضي فهمها الاتصال بصديقي الرائع، الدكتور قاسم حسين صالح الذي يطمئنك قائلاً : ليس هناك ما يدعو إلى القلق في أحلامك، أنصحك أن تقلع عن التفكير بحصول أية زيادة متوقعة على راتبك – خاصة إذا كنت متقاعداً – والأهم من ذلك أن تمتنع عن النوم!.
ما يعنيني هنا هو النوع الرابع، فمنذ عشرين سنة ونحن محاصرون بطوابير من المحللين السياسيين، ومن أحاديث الانتخابات والعاطلين عن العمل والموازنة وتشكيل الحكومة التي باتت مشكلة تكرر نفسها، ولهذا رأيت في ما يرى النائم وكأنني ألقي محاضرة على كبار المسؤولين حول تشكيل الحكومة، حيث قدمت مقترحاً مفاده أن يتولى كل مكون السلطة على وفق حجمه (الشيعة 5 سنوات، السنة 4 سنوات، الكرد 3 سنوات) وهكذا، وقد صفق لي التركمان والمسيحيون والصابئة والإيزيديون) وهتفوا باسمي، لولا أن
(الشيعة والسنة والكرد) طردوني من القاعة بتهمة التآمر على الدستور مع أنني والله العظيم لم أقرأه لا في اليقظة ولا في الحلم!.