بغداد: حيدر الجابر وجنان الأسدي

تلوح أمام العراق فرصة جديدة لتصفير مشكلاته مع جارته تركيا، في إطار استياء شعبي من نشاطات أنقرة الأمنيَّة وحتى المائيَّة، الرئيس التركي في اتصال مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل أيام، أبدى استعداد بلاده للعمل في مشروع "طريق التنمية"، وهو ما يعني إقبالاً إقليمياً على المشروع الذي يؤمّل له ربط الشرق بالغرب عبر العراق.
وبحسب بيان رسمي، فقد أوضح السوداني، خلال الاتصال، أنَّ العراق يريد بناء شراكات إقليمية ودولية، تسهم في التنمية الوطنية الاقتصادية للبلدان الشقيقة والصديقة، وتعمل على مواجهة التحديات، وترسّخ الأمن والاستقرار في المنطقة.
البيان نقل عن أردوغان أيضاً توجّه بلاده نحو توسعة التعاون مع العراق واستعداد شركات بلاده للعمل في مشروع "طريق التنمية"، والإسهام في هذه الفرصة الاقتصادية.
وفي هذا الشأن، رأى الباحث بالشأن السياسي مفيد السعيدي في جغرافية العراق نقاط قوة تخدم مشروع "طريق التنمية" المستقبلي.
وقال السعيدي، في حديث لـ"الصباح": إنَّ "العراق جغرافيّاً هو حلقة وصل بين دول غرب آسيا والعرب والغرب عبر القناة الجافة وصولاً إلى تركيا"، مبيناً أنَّ "المفاوض العراقي تعامل في هذا المشروع على وفق نقاط القوة التي يمتلكها، لذلك سارعت تركيا بتقديم بعض التسهيلات للعراقيين لأنها تعي مكانة هذا المشروع، ولأنَّ العراق يمتلك مفاتيح لعب في أيِّ مشروع أو اتفاق".
وتابع أنَّ "قوة العراق تكمن بقوة قراره الداخلي ومن خلاله يستطيع وفق القانون والمعاهدات الدولية أن يكون قوياً ومؤثراً"، مشيراً إلى أنَّ "العراق يمتلك نقطة قوة في هذا المشروع تتثمل بوجود منفذ آخر عبر سوريا وميناء طرطوس إلى أوروبا، ومن أوراق المناورة ضغط التبادل التجاري مع تركيا الذي يبلغ 20 مليار دولار سنوياً تقريباً، إضافة إلى ورقة حزب العمال الكردستاني".
وتساءل السعيدي، "هل يمتلك اللاعب العراقي النفس العميق ليكون الرابح أو يستند إلى قاعدة (رابح- رابح) في مشاريعه الستراتيجية؟".
بدوره، لفت الخبير الاقتصادي صفوان قصي إلى أنَّ "(طريق التنمية) مهم لتركيا لأنها ستكون ممراً نحو أوروبا"، داعياً إلى "استثمار الموقع الجغرافي العراقي المميز".
وقال قصي لـ"الصباح": إنَّ "العلاقات العراقية التركية مهمة وستراتيجية، لا سيما أنَّ الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مصادر جديدة للطاقة بعد حرب أوكرانيا"، مضيفاً أنَّ "البدائل المتاحة لأوروبا هي غاز قطر عبر تركيا، كما أنَّ استثمار الموقع العراقي الذي يربط آسيا وأفريقيا بأوروبا عن طريق تركيا سيرفع من حجم التبادل التجاري بين البلدين وسيسمح للتكنولوجيا والصادرات الأوروبية بالتوجه نحو آسيا وبالعكس".
وتابع أنَّ "الإمارات العربية المتحدة فتحت جسراً تجارياً مع الهند، ومن المتوقع أن يكون رابطاً بين الخليج وتركيا عبر (طريق التنمية)، ونعتقد أنَّ العلاقة التجارية مع الصين ودول آسيا ستكون عبر ميناء الفاو"، لافتاً إلى أنَّ "الاستثمارات التركية في العراق ستضمن حصة مائية مستدامة واستثمار الموانئ التركية للتبادل الحر للبضائع بين البلدين".
ولفت إلى أنَّ "العراق بحاجة إلى علاقات اقتصادية ستراتيجية مع تركيا إضافة إلى التنسيق مع دول الخليج ومصر والأردن، ما يجعل هذا الطريق نافذة لدول الشرق لخلق شراكة مع الاتحاد الأوروبي يتم تعزيزها في حالة استثمار العلاقات مع واشنطن بإنشاء مدن تكنولوجية في العراق للسيطرة على الحصة السوقية في العراق وآسيا".
في غضون ذلك، قال مدير عام دائرة شؤون الألغام، صباح حسن الحسيني، في حديث لـ"الصباح": إنه "ضمن الخطة الستراتيجية المُعدّة لتطهير جميع المناطق الملوثة بالألغام- لاسيما المناطق التي ستنفذ عليها مشاريع اقتصادية أو زراعية مهمة- تتجه الدائرة لإطلاق أعمال تطهير (طريق التنمية) من التلوث بالذخائر العنقودية قريباً".
وبيّن أنه "تم تخصيص 20 مليار دينار من قيمة الموازنة المالية للدائرة لتنفيذ أعمال تطهير التلوث بالذخائر العنقودية حصراً، وأنَّ هناك العديد من المحافظات التي تعاني من هذا التلوث- لاسيما المحافظات الجنوبية- وتُعد محافظة المثنى الأعلى تلوثاً، تليها محافظات البصرة وذي قار".
وأشار إلى أنَّ "الدائرة تعمل بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والدفاع والحشد الشعبي لتنفيذ أعمال التطهير"، مؤكداً أنَّ "الدائرة تعمل على توفير جميع الاستعدادات اللوجستية المهمة لتأمين مستلزمات تطهير المساحات الملوثة بالذخائر الحربية بهدف تنفيذ جميع المشاريع وضمن المدة المحددة لها".

 تحرير: علي عبد الخالق