إيف سامبسون وفكتوريا بيسيت وجوليا ليدور
ترجمة وإعداد: أنيس الصفار
بعد أشهر من المناقشات والجدال داخل ادارته أقر الرئيس بايدن تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية التي كانت تلح في طلبها منذ وقت طويل، متجاوزاً بذلك القيود القانونية. هذه الذخائر محظورة في انحاء كثيرة من العالم. فالذخائر العنقودية قد تكون على شكل قذائف مدفعية، أو قد تكون على شكل قذائف صاروخية او صواريخ او قنابل تلقيها الطائرات. تنفجر هذه الذخائر وهي بعد في الهواء فتتناثر منها قنابل صغيرة، او قنيبلات، تتساقط مغطية مساحة واسعة من الارض. الذخائر التي سترسل إلى أوكرانيا سوف تكون من نوع قذائف المدفعية التي يمكن اطلاقها بواسطة مدافع هاوتزر التي بدأت الدول الغربية تزود بها أوكرانيا منذ السنة الماضية.
تمتلك الولايات المتحدة مخزونات كبيرة من الذخائر العنقودية، وكان آخر استعمال معروف لها في معارك فعلية في العراق خلال العام 2003. لكن الولايات المتحدة لن تزود اوكرانيا بقنابل عنقودية من النوع الذي يلقى من الطائرات.
نشرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الخميس الماضي أدلة جديدة تشير إلى أن القوات الأوكرانية قد تسببت فعلاً بإصابات بين المدنيين جراء استعمالها الذخائر العنقودية، التي تستخدمها القوات الروسية ايضاً بكثافة أكبر وتتسبب هي الاخرى بقتل المدنيين.
سبب الارسال الأميركي
مع مواجهة تضاؤل مخزونات الغرب من قذائف المدفعية العادية، والقوات الروسية المتخندقة بعمق، بدأ الهجوم الأوكراني المضاد الذي قصد منه إعادة البلد إلى حدود ما قبل الغزو يتعثر في تقدمه عما أمل المسؤولون الغربيون. ووسط مشاعر الاحباط، مقارنة بالامال والتوقعات الغربية، جراء غياب التفوق الأوكراني المدفعي الكاسح والطائرات المقاتلة التي لم تصل بعد أخذ الرئيس "فلودومير زيلنسكي" يلح على الأميركان طالباً ذخائر عنقودية بزعم أنها الوسيلة الأنجع بالنسبة للقوات الأوكرانية كي تتمكن من التقدم بسرعة واختراق الخنادق الروسية المتشابكة وحقول الالغام المهلكة.
خلاف بشأن الذخائر
وقّعت أكثر من 120 دولة اتفاقية تعهدت بموجبها بعدم استخدام الأسلحة المذكورة نظراً لطبيعتها العشوائية التي لا تميز. ليس فقط لأنها تشمل بتساقطها مناطق واسعة جداً وتكون سبباً محتملاً لإصابة المدنيين اثناء المعارك، بل ايضاً لأن كثيرا من قنيبلاتها الأصغر تخفق في الانفجار حين الارتطام وبذلك تبقى كامنة وقادرة على قتل الناس او تشويههم حتى بعد انتهاء المعارك بوقت طويل.
في العام 2010 أعلنت منظمة الصليب الأحمر الدولية ان ما يتراوح بين 10 و40 بالمئة من الذخائر التي اطلقتها الاسلحة العنقودية المستخدمة في النزاعات مؤخراً قد اخفقت في الانفجار الفوري بعد اطلاقها، وبذا بقيت مصدر خطر جدي على المدنيين. تمنع اتفاقية الذخائر العنقودية استخدام او تطوير او تخزين او نقل هذه الذخائر، إلا أن روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة ليسوا من ضمن الموقعين على تلك الاتفاقية.
خلال السنوات السبع الماضية كان الكونغرس يشترط عند اقرار تخصيصات الدفاع على الامتناع عن انتاج او نقل او استخدام الذخائر العنقودية التي يتعدى معدل الاخفاق فيها نسبة واحد بالمئة.
يدعي البنتاغون أن أياً من الذخائر التي يدور حولها النقاش لا يتعدى معدل الاخفاق فيها نسبة اثنين بالمئة تقريبا، وهو أقل بكثير من الذخائر العنقودية التي يستخدمها الروس، لكنه مع ذلك يمتنع عن نشر بيانات الاختبار. اما البيت الابيض فإنه يتملص من الحدود التي نص عليها الكونغرس بأن يصدر ترخيص النقل بموجب قانون منفصل هو قانون المساعدات
الخارجية.
في أحدث تقرير لها اتهمت منظمة "هيومان رايتس ووتش" موسكو وكييف باستخدام هذه الاسلحة منذ بداية الغزو في شباط 2022، ما تسبب بإيقاع قتلى واصابات خطيرة بين المدنيين. ففي حادثة وقعت في الأيام الأولى للحرب زعمت السلطات الأوكرانية وشهود على الحادثة أن الروس استخدموا هذه الذخائر في هجوم على محطة للقطارات أوقع 50 قتيلاً. تقول "ماري ويرهام"، نائب مدير قسم الاسلحة في "هيومان رايتس ووتش"، ان الاسلحة المستخدمة "قد تسببت بقتل المدنيين الان وسوف تستمر في ذلك لسنوات عديدة مقبلة."
اسرائيل والعنقودية
وثقت منظمات حقوق الإنسان استخدام الولايات المتحدة المكثف للقنابل العنقودية في السنوات الأولى من غزو افغانستان وانتقدتها على ذلك بشدة.
كذلك اطلقت اسرائيل ملايين الذخائر العنقودية على لبنان في العام 2006 خلال المواجهة القصيرة التي وقعت بينها وبين حزب الله. وتقدر الأمم المتحدة أن هناك ما يصل إلى مليون قنيبلة بحجم صغير قد تبقت في نهاية المواجهة بين الطرفين من أصل أربعة ملايين قنيبلة نثرتها الذخائر العنقودية التي اطلقتها اسرائيل، وهذه لا تزال غير منفجرة وتتسبب بسقوط قتلى من المدنيين اللبنانيين.
عن صحيفة واشنطن بوست الأميركية