الفارق في سعر الصرف

اقتصادية 2023/07/26
...

محمد شريف أبو ميسم

لا شك أن حملة دعم الدينار التي تبنتها وشاركت فيها جهات عديدة مع البنك المركزي العراقي، ساهمت مساهمة كبيرة في الحد من دولرة الأسواق المحلية وتقوية التداولات والتبادلات عبر العملة المحلية، وبالتالي استقرار أسعار الصرف نسبيا بعد العودة إلى الدينار العراقي في تسعير العديد من السلع والخدمات التي كانت تقدم بالعملة الأجنبية .
وهذه النتائج التي تحققت لم تأت إلا بسلسلة من الإجراءات والضوابط التي أسهمت في تسريع الخطوات اللازمة لتوسيع مساحة دخول التجار والمواطنين إلى المنصة الإلكترونية، بهدف معالجة مشكلة انخفاض الطلب الناجمة عن حالة عدم اليقين مع تعاملات الدفع الإلكتروني، والتردد في التعامل بشفافية في إجراءات الحصول على المبالغ اللازمة لتمويل التجارة الخارجية ونشاطات الأفراد الأخرى.
بيد أن أسعار الصرف في السوق الموازية ما زالت غير مستقرة وبعيدة نسبيا عن سعر الصرف الرسمي، الأمر الذي يخلق فارقا كبيرا بين سعر صرف الدولار عبر منصة التحويل لتمويل التجارة الخارجية، وأسعار بيع السلع المستوردة في السوق المحلية استنادا إلى سعر الصرف في السوق الموازية.
هذا الفارق أسهم ويسهم في إنضاج رساميل التجار ومكاتب الصيرفة على حساب القدرة الشرائية للمستهلكين، وأسهم أيضا في تغوّل عمليات الاستيراد على حساب المنتج المحلي جراء انخفاض أسعار السلع المستوردة وعدم قدرة المنتج المحلي على التنافس مع المستورد، وبناء عليه ومع انطلاق العمل بأكبر موازنة يشهدها العراق على مدار تاريخه والتي ستسهم في تحريك السوق وتدفق السيولة النقدية يتوقع ارتفاع نسب التضخم وتزايد الطلب المحلي على السلع وتراكم الأرباح في بيئة الأعمال المعتمدة على الاستيراد، إذ سيزداد توجه أصحاب الرساميل إلى الاستيراد بوصفه استثمارا سريع الربحية وقليل المخاطر، إزاء منتج محلي يعاني من تنافسية غير متكافئة مع المستورد جراء ارتفاع كلف الطاقة والأيدي العاملة والمواد الخام مع ارتفاع مخاطر العمل في ظل تردي خدمات الطاقة الكهربائية.
وعلى هذا الأساس ستذهب نسب كبيرة من تخصيصات الموازنة العامة لصالح المستورد وهو يواصل ضرباته للمنتج المحلي، وستعاني الرساميل الوطنية في بيئة العمل من منافسة غير متكافئة مع استيرادات القطاع الخاص، وستتعرض الأسواق المحلية لمخاطر التذبذبات السعرية في سعر الصرف جراء تدفق الكتلة النقدية إلى الأسواق وزيادة الطلب على السلع في ظل انخفاض معدلات الإنتاج المحلية، وبالتالي ضياع الأموال العامة وعدم السيطرة على سعر الصرف وزيادة احتمالات عودة الدولرة إلى الأسواق.