د عدنان لفتة
تعددت التفسيرات والروايات لقصة الفسخ السريع الخاطف لعقد اللاعب الشاب علي جاسم مع نادي انطاليا سبور التركي بعد أقل من يومين !!
صدمة عنيفة للجمهور الرياضي المتفائل جداً بنبوغ وتألق موهبة شابة يمكن أن تنطلق إلى أفضل الدوريات العالمية لو أنه بدأ المشوار الاحترافي تدريجياً بناء على هدف يضعه يتحمل معه كل الصعاب !!
المال هو من عبث بعقل اللاعب الذي كان يتصور أنه يمكنه الهروب من العقد التركي إلى عقد خليجي يسيل اللعاب ويغير الأحوال العامة له ولعائلته متوقعاً أنَّ الأمر سينطلي على النادي أو وكيل أعماله قبل أن يقرر الأتراك أنهم لن يسمحوا له بالاحتراف في الموسم المقبل طالما قد تعرضوا لهذا المأزق غير المتوقع !!
رواية اللاعب في ترك العقد التركي أنه لم يحصل فيه على المبلغ المالي المناسب لاحترافه كونه سيضطر إلى إيجار شقة وتحمل الضرائب من المبلغ المخصص له بينما كسب ناديه الأصلي الكهرباء ما يريده من بيع البطاقة الدولية ونال وكيل أعماله النسبة المقررة له ليجد نفسه الخاسر الأكبر في الموضوع بدلاً من الكاسب الأكبر فيه !!
الخطأ ناجم عن ثقافة اللاعب المحدودة وهو يتحمل كامل المسؤولية عما أصابه، إذ كان عليه إرسال العقد إلى مختصين لدراسته وتقديم المشورة له وادراج كل الشروط التي يريدها ابتداء من الحصول على مسكن وسيارة ومبلغ خالص يتحمل فيه النادي دفع الضرائب انتهاء بتذاكر سفره مع عائلته وكل ما يراه مناسباً في العقد الاحترافي!!
اللاعب أضر بسمعته وسمعة اللاعبين العراقيين نتيجة السلوك الذي قام به، وعبر فيه عن غياب تدبيره وسوء قراره وتسرعه في التوقيع قبل انضاج الأمر بشكل احترافي، ربما تفكر الأندية مراراً قبل التوقيع مرة أخرى مع لاعب عراقي جراء أجواء عدم الثقة التي رسمتها حكاية علي جاسم !!
صار الهداف الشاب على كل لسان وقصة ساخنة لوسائل الإعلام المختلفة والبرامج التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، لا يلومن إلا نفسه فهو الذي خسر فرصة ذهبية للظهور مرة جراء رفضه لعقد بلجيكي قدم إليه بادئ الأمر ثم في سيناريو عقد انطاليا سبور التركي وعاد إلى العراق.
إنها الثقافة أيها الإنسان التي ليس لها علاقة بشهادة المرء، وعمره وخبرته، الثقافة تعلم مستمر لكل شيء يتعلم فيها اللاعب مثلاً ، السلوك، وحسن التصرف، والتصريح المهذب، وكيفية بناء شخصيته واتخاذ قراراته، وتطوير أدائه الشخصي والرياضي والأخلاقي، العناية بحالته البدنية وبنائه العضلي، الاهتمام بنظام التغذية المساعد على نجاحه، العناية بصحته وساعات نومه!
أين لاعبونا من ذلك؟ وهل لدينا نماذج من هذه الثقافة التي أجزم أنها معدومة تماماً في ملاعبنا المحلية ولا يعتني بها أحد ولا يشجع عليها المدربون أو إدارات الأندية فاللاعب هنا سيد الجميع لا يسأله أحد عن موعد نومه وما تناوله في وجبات طعامه، لن يسأله أحد عن سهره المستمر وقلة تدريباته وضعف قوته الجسمانية، لن يسأله مسؤولوه عن تصريحاته أو تصرفاته مع مدربه او الجمهور، لاعب اعتاد العيش كالملوك وهو يكسب سنوياً الملايين كيف يتكيف مع أجواء الاحتراف والانضباط والالتزام !!
هل تعلمنا الدرس ؟ ولن يقع فيه لاعب عراقي آخر؟ هل ينتبه لاعبونا مستقبلاً الى عقودهم جيداً ويقرؤوا كلماتها بعناية كي يعرفوا ما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات؟ هل يخصص لاعبونا جزءاً من ساعاتهم لتعلم لغة ثانية أو يزيدوا من ثقافتهم ومعارفهم ؟