الموظف الشامل

اقتصادية 2019/04/28
...

محمد شريف أبو ميسم 
 
واحد من أهداف الشمول المالي هو تحقيق رضا الجمهور من خلال تقديم الخدمات المصرفية الميسّرة بهدف تعزيز الثقة بين المصارف والزبائن، وبذلك سحب الكتلة النقدية المكتنزة الى ساحة التداول المصرفي ومن ثمّ تدويرها عبر رفع نسب الائتمان باتجاه المساهمة في تدوير عجلة الاقتصاد وتحقيق التنمية.
وقد اعتمد القائمون على الصناعة المصرفية العالمية على منظومة التقانات في تقديم الخدمات، بجانب اسلوب تقديم الخدمات من خلال شخص واحد أطلقوا عليه مسمى “الموظف الشامل” الذي يؤدي جميع الوظائف من خلال نافذة واحدة تختصر على الزبائن مشقة الانتقال بين عدد من النوافذ والتعرض لسلبيات حلقات الترهل في الأداء الوظيفي.   
والموظف الشامل يصفه البعض بالسر الذي يقف خلف تمسك الجمهور بالمؤسسة المصرفية التي يتعامل معها، فهو لا يجيد عديد الوظائف وحسب، بل يجيد صناعة الشعور بالسعادة والرضا لدى الزبائن من خلال اسلوب التعامل اللطيف واقتناص الابتسامة في الوقت المناسب وهو يتحاور مع الزبون، فضلا عما يتصف به من مهارات يكتسبها من برامج التدريب والتطوير التي تحرص عليها مؤسسته بشكل متواصل بهدف رفع كفاءة الموظفين بما يؤهلها للبقاء في ساحة التنافس، التي يقال انها تحمل شعار “المصارف تبيع الأحلام”.
منذ فترة ليست بالقصيرة ظهر هذا الاسلوب في اداء فروع المصرف العراقي للتجارة، ثم تطور الأداء الى مستوى رائع يستحق تسليط الضوء عليه، فخلال تعاملي مؤخرا مع أحد هذه الفروع أخبرت موظف الاستعلامات بنوع الخدمة التي أريد، وبكبست زر على جهاز يحدد نوع الخدمة بجانبه، منحني ورقة تحمل رقما خاصا بي كتب عليها نوع الخدمة ورقم النافذة، ثم دعاني للجلوس مع عدد من الجمهور الذي كان يتابع صوت جهاز ينادي على الأرقام بالتتابع ويدعو كل منهم للاتجاه الى النافذة الخاصة بتقديم الخدمة، وبعد بضع دقائق نودي على الرقم الذي أحمله ورقم النافذة ولم يدم وقوفي أكثر من بضع دقائق، دعتني بعدها الموظفة الشاملة والابتسامة تعلو وجهها للجلوس بانتظار أن تتم توقيع القيود التي أعدتها من رئيس الشعبة المختصّة ومدير الفرع وبعد بضع دقائق نودي على اسمي وقد حصلت على الخدمة المصرفية التي أريد دون الوقوف في طوابير ودون التنقل بين النوافذ ودون الذهاب الى مكاتب الاستنساخ خارج البناية ودون تجهّم. انها الخدمة التي تحقق أهداف الشمول المالي وبسواها يبقى الاحتفال سنويا بأسبوع الشمول المالي محض شعارات ليس أكثر.