العراق يطالب البحرين بالاعتذار رسمياً عن إساءة وزيرها
العراق
2019/04/28
+A
-A
بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
احتج العراق بشدة على البحرين بعد إساءة وتطاول وزير خارجيتها على الدولة العراقية وعلى سماحة السيد مقتدى الصدر، واستدعت وزارة الخارجية أمس الأحد سفير المنامة لدى بغداد، وطالبت الوزارة دولة البحرين بتقديم اعتذار رسمي عما بدر من وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة بحق العراق والسيد الصدر، وفيما أصدرت معظم الكتل السياسية بيانات شجب واستنكار لما حصل من إساءة، طالب نواب من مختلف الكتل دولة البحرين بتقديم اعتذار رسمي للدولة العراقية، عادين "سماحة السيد مقتدى الصدر شخصية وطنية تمثل كل العراقيين"، مؤكدين أن "الكتل السياسية ترفض أي تطاول على شخصية وطنية تمثل العراقيين جميعا".وبينما انطلقت تظاهرات ضخمة في النجف الأشرف وبغداد أمام قنصلية البحرين وسفارتها، طالب السيد الصدر المتظاهرين بتقديم "الورود" هدية لشعب البحرين الشقيق، وبالتزامن مع مسألة "إساءة آل خليفة"، استدعت وزارة الخارجية القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد للاحتجاج على ما نشره موقع السفارة مؤخراً وطالبت بحذف "المنشور المسيء" لأحد الرموز الدينية.
بيان الخارجية
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف في حديث صحفي: إن "وزير الخارجية محمد علي الحكيم وجّه باستدعاء السفير البحريني لدى بغداد، كما وجّه الوزير أيضاً باستدعاء القائم بالأعمال في السفارة الأميركية".
وعبرت الخارجية عن شجبها للتصريحات التي أدلى بها وزير خارجية البحرين بشأن بيان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فيما طالبت البحرين بتقديم اعتذار رسمي على خلفية
ذلك.
وقالت الوزارة في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه: "نعبر عن شجبنا للتصريحات التي أدلى بها وزير خارجية البحرين حول بيان السيد مقتدى الصدر"، مبينة أن "كلمات وزير الخارجية البحريني - وهو يمثل الدبلوماسية البحرينية- تسيء للصدر بكلمات نابية، وغير مقبولة إطلاقاً في الأعراف الدبلوماسية، بل تسيء -أيضاً - للعراق، وسيادته، واستقلاله خصوصاً عندما يتكلم الوزير البحريني عن خضوع العراق لسيطرة الجارة إيران".
وأضافت ان "العراق الذي دحر تنظيم داعش الإرهابي بعد أن عجزت جيوش جرارة عن دحره في مناطق أخرى لقادر على الدفاع عن حرياته، واستقلاله"، داعية "الجميع الى معرفة حدودهم، والالتزام بالحقائق، واللياقات الدبلوماسية".
وتابعت، ان "عراق اليوم يتعافى، ويقوى، ولن يقبل أي تدخل في شؤونه، كما لن يقبل أي إساءة له، أو إلى رموزه الوطنية، والدينية مهما تعددت، وتنوعت وجهات نظرهم"، مطالبة البحرين بـ"اعتذار رسمي عن إساءة وزير خارجيتها للعراق الذي تتعدد فيه الرؤى، وتتسع فيه حرية التعبير للرموز، والشخصيات، والقوى السياسية، ولجميع المواطنين، ولا يقبل بأيِّ حال من دولة يعتبرها شقيقة، ويستضيف سفارتها في بغداد أن يكون موقفها الرسمي موقفاً استفزازياً ينتقص من سيادة العراق، واستقلاله، ويتهمه بأنه خاضع لسيطرة أيِّ بلد كان".
الكعبي يدين
بدوره، قال النائب الاول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي في بيان تلقته "الصباح": "نستنكر بشدة الإساءة التي صدرت عبر تغريدة (وقحة) من وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد، بحق الزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر".
وطالب الكعبي وزارة الخارجية العراقية بـ"استدعاء السفير البحريني لدى بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج شديد اللهجة، تعبيراً عن استنكار ورفض حكومة وشعب العراق لما صدر عن وزير خارجية بلاده"، معتبراً أن "ما ذكره الأخير يعد تطاولا سافراً وإساءة متعمدة لرمز عراقي كبير دائم التضامن مع المطالب المشروعة لجميع الشعوب في العالم، والثائرة بوجه الأنظمة الدكتاتورية الظالمة، منطلقاً من مسؤوليته الشرعية والأخلاقية فضلا عن الإنسانية".
بدورها، اعربت نقابة المحامين العراقيين عن استنكارها وشجبها المواقف والتصريحات اللامسؤولة التي تمس الرموز الوطنية العراقية.
وذكرت النقابة في بيان تلقته "الصباح" "انها ومن منطلق حرصها الشديد على استقلال العراق وسيادته، وعدم التدخل بشؤونه الداخلية، وبقراراته ومواقفه السياسية، تدين وبشدة وباقسى العبارات والتصريحات التي تمس قادته من اي شخص او جهه خارجية".
وأكت النقابة، ان هكذا مواقف تخفي أهدافا غير معلنة تستهدف الدور الريادي للعراق باعتباره عامل استقرار وتوازن في المنطقة، مطالبة الزملاء المحامين العرب بالتضامن مع المحامين العراقيين في رفض هكذا مواقف متسرعة خارجة عن اللياقة السياسية والدبلوماسية.
الإصلاح والإعمار
كما أصدر تحالف الإصلاح والإعمار بياناً قال فيه: إن "التحالف يعبر عن استنكاره الشديد وشجبه لما بدر من وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة من إساءة وتطاول على رمز من رموز العراق الوطنية السيد مقتدى الصدر".
وأعرب التحالف عن "عميق الأسف إزاء ما جاء في خطاب وتغريدة الوزير البحريني من ألفاظ وعبارات لا تمت لمراعاة الجانب الأخلاقي ولا اللياقات والأعراف المتبعة في العلاقات بين الدول بصلة"، مبدياً استغرابه أن "تصدر من لدن من يمثل دبلوماسية بلد شقيق وعربي
وإسلامي".
وأضاف، "نستغرب الصاق تهمة التبعية للعراق الذي ضحى طوال عقود من النضال والكفاح بمختلف قواه - الإسلامية والوطنية - من أجل التحرر من الاستعمار والديكتاتورية ومن بعدهما ملحمته الكبرى في انتزاع أرضه من الإرهاب التكفيري الظلامي المدعوم خارجيا مقدما إزاء هذا الهدف السامي تضحيات جساما نالت إشادة العالم بأسره، لذا نعد نعته بالتبعية لدولة جارة ظلماً وتعدياً سافراً على حرية شعبنا وكرامتهم وسيادتهم".
وأشار البيان الى أن "الإساءة للرموز الدينية والوطنية والقوى السياسية العراقية أمر مرفوض ومدان"، مطالباً "مملكة البحرين الشقيقة بتقديم اعتذار رسمي للعراق وتتعهد بعدم تكرار ما حصل مما ينسف كل جهود التقارب وتجسير العلاقات وتعميد أسس المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين"، كما طالب تحالف الإصلاح "وزارة الخارجية العراقية بدعوة نظيرتها البحرينية إلى تقديم اعتذار وإيضاح لما حصل عبر مذكرة احتجاج شديدة اللهجة تؤكد رفض شعب العراق لأي إساءة لرموزه الدينية والسياسية وأحزابه الفاعلة بالعملية
الديمقراطية".
الكتل السياسية
وفي مواقف الكتل السياسية، قال تحالف الفتح الذي يتزعمه هادي العامري في بيان تلقته "الصباح": "نقول لوزير خارجية البحرين وأمثاله (إن إساءتكم لن تقلل من شأن السيد مقتدى الصدر ومحاولات الاستهداف الطائفي لن تصيب مقاتلا منا"، وأضاف، "ربنا يقول (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان)، فأنتم في بحر الموت ونحن في محيط
الحياة".
كما أكد رئيس كتلة الحل جمال الكربولي، أنه يتفق مع طروحات السيد مقتدى الصدر الوطنية، وقال الكربولي في تغريدة له على "تويتر": "قد نختلف سياسيا مع السيد مقتدى الصدر احيانا، لكننا نتفق مع طروحاته الوطنية"، وأضاف، "نرفض بشدة أي تجاوز عليه، كونه والحق يقال رمزاً وطنياً لشريحة واسعة من العراقيين".
القيادي في تحالف العراق هويتنا عبد الله الخربيط، قال في بيان تلقته "الصباح": إن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هو قائد عراقي ويعمل لكل العراقيين"، مبيناً "إننا لن نسمح بالمساس به مطلقا من أي جهة كانت"، كما اعتبر النائب هيبت الحلبوسي، أن "الصدر هو أحد الرموز الوطنية العراقية"، مشيرا الى أن "التجاوز عليه بمثابة تجاوز على كل أبناء الشعب العراقي".
مؤتمر سائرون
بدورها، أكدت كتلة سائرون النيابية، أن العراقيين اثبتوا وحدتهم من خلال ردودهم على الوزير البحريني الذي "أساء" الى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وقال رئيس الكتلة حسن العاقولي في مؤتمر صحفي عقده أمس الأحد في مجلس النواب بمشاركة نواب الكتلة: "نثمن رفض وإدانة جميع العراقيين من الشمال الى الجنوب تصريحات وزير الخارجية البحريني الفاقد للياقة"، مؤكداً أن "العراقيين اثبتوا وحدتهم في ردهم على الاساءة التي وجهها الوزير الى الصدر".
وأضاف العاقولي، أن "العراقيين يرفضون أن تكون أرضهم تصفية لحساب الآخرين، وعلى الحكومة والكتل السياسية استقلالية القرار العراقي بحفظ حدود وثروات العراق"، ووجه العاقولي، قوله الى من سماهم بـ "الحكام الظالمين" أينما وجدوا في العالم أن "الشعوب هي المنتصرة في النهاية لأنها اقوى من الطغاة".
استنكار نيابي
من جانبه، قال النائب عن حركة إرادة حسين عرب: إن "التطاول على الرموز الدينية وعلى السيد مقتدى الصدر يعد خرقاً لا نسمح به، لأن الصدر يتمتع بمواقف مشرفة تتعدى الحزبية
والطائفية".
وأكد النائب عرب في تصريح لـ"الصباح"، ان "موقف السيد الصدر يعد موقفا انسانيا وعربيا بحتا من خلال أطروحاته الكبيرة في مفاهيمها والتي تناسب الوضع العراقي والاقليمي والعربي"، وأضاف، ان "هناك من يتطاول على الرموز الدينية العراقية وهو أمر خارق للأصول الدبلوماسية والعلاقات الثنائية"، مشيرا الى أن "محاور السيد الصدر التي طرحها تؤكد عمق الفهم للحالة التي تمر بها المنطقة، لذلك تعد أكبر من حجم من يتطاول عليه".
وبين النائب، أن "السيد الصدر يعد نبراسا للعراقيين ورمزا من رموز العرب وكان حامياً لوحدة العراق وما يزال جامعا لشمل كل العراقيين مهما اختلفت طروحاتهم"، لافتا الى أن "العراقيين جميعا سيردون على هذا التطاول وليس أبناء التيار الصدري وحدهم وإنما جميع العراقيين"، مشيرا الى أن "موقف البرلمان والكتل السياسية واضح في رفض هذا التطاول لأن شخصية سماحة السيد مقتدى الصدر خط أحمر لا يمكن التجاوز عليها".
فيما لفت النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني صفوان الجرجري، أن "العراقيين شعب واحد وان السيد مقتدى الصدر ليس شخصية سياسية أو دينية فحسب؛ وإنما شخصية وطنية عراقية قوية".
وأكد الجرجري في تصريح لـ"الصباح"، أن "السيد مقتدى الصدر يعد من الشخصيات التي حافظت على وحدة العراقيين من الانفراط، وعمل على توحيد صفوف السياسيين والكتل السياسية بمختلف مكوناتها"، وأضاف، إن "التطاول على شخص السيد مقتدى الصدر أمرٌ غير مقبول ونطالب باعتذار رسمي للدولة العراقية بعد أن تطاول أحد وزراء دولة البحرين على أحدى الهامات العراقية الوطنية والدينية الكبيرة".
وشدد النائب، على أن "جميع القوى العراقية وبكل مكوناتها بما فيها الكردية ترفض التطاول على الشخصيات والرموز العراقية الوطنية التي طالما لملمت شمل العراقيين وحافظت على وحدة الوطن".
من جانبه، أكد عضو تحالف سائرون أمجد العقابي، أن "التطاول على سماحة السيد مقتدى الصدر لا يعد تطاولاً على رمز ديني فقط وإنما يمثل شخصية عراقية عربية
إسلامية".
وأوضح العقابي في تصريح لـ"الصباح"، ان "بيان السيد مقتدى الصدر حول الوضع الراهن الذي تمر به المنطقة؛ حاول أن يخرج الدول العربية الى بر الأمان، لذلك كان تطاول وزير الخارجية البحريني غير مقبول ولن نسمح به"، مطالباً "دولة البحرين أن تقدم اعتذاراً رسمياً الى الدولة
العراقية".
تظاهرات شعبية
في السياق نفسه، دعا زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، كل من يريد التظاهر أمام السفارة البحرينية الى تسليمها وردة تعد هدية للشعب البحريني، وقالت صفحة (صالح محمد العراقي) في موقع فيسبوك والمقرب من الصدر: "يقول قائدي: شكرا لكل من آزرنا"، واضاف أن "الصدر دعا كل من يريد التظاهر أمام السفارة او القنصلية البحرينية الى أن يسلمهم (وردة) على أن يعطوها هدية للشعب البحريني، هدية مني (الصدر) لهم وأنتم ايها المتظاهرون تمثلونني بذلك".
وتظاهر المئات أمس الأول السبت وأمس الأحد، أمام السفارة البحرينية في بغداد وقنصليتها في النجف الأشرف، احتجاجاً على الإساءة التي قام بها خالد بن أحمد آل خليفة للعراق ولشخص السيد مقتدى الصدر.
إساءة أميركية
من جانب آخر، أصدرت وزارة الخارجيَّة، بيانا عدت فيه "منشور صادر" عن السفارة الأميركية في بغداد، تجاوزاً على الأعراف الدبلوماسية، والقواعد الدولية التي تحكم عمل البعثات في الدول
المضيفة.
وقالت الوزارة في بيان تلقته "الصباح": تابعت وزارة الخارجية العراقية المنشور الصادر عن السفارة الأميركية في بغداد، والذي مثّل تجاوزاً على الأعراف الدبلوماسية، والقواعد الدولية التي تحكم عمل البعثات في الدول المضيفة.
إنَّ قيام بعثة دبلوماسية عاملة في العراق بنشر منشورات تستهدف إحدى دول جوار العراق، ورموزها الدينية، أو السياسية يتعارض مع مبادئ الدستور العراقي، والسياسة الخارجية العراقية، ولاسيما مبادئ حسن الجوار، وسياسة النأي عن المحاور في العلاقات الخارجية، وعدم التدخل في الشُؤُون الداخلية لجميع البلدان.
إنَّ العراق يتبنى سياسة قائمة على مُرتكَزات أساسية تتمثّل بأن لا تكون أراضيه ممرّاً، أو منطلَقاً لإيذاء دول الجوار، أو الدول الصديقة، أو الإضرار بأيٍّ منها سواء بوسائل إعلاميَّة، أم اقتصاديَّة، أم تجاريَّة، أم عسكريَّة، أو أمنيَّة.
وإنَّ ما قامت به السفارة الأميركيَّة في بغداد من خلال المنشور يتعارض مع طبيعة عملها في الدولة المُضيِّفة وفق اتفاقيَّة فيينا للعلاقات الدبلوماسيَّة، والأعراف الدوليَّة ذات الصلة.
وتُؤكِّد وزارة الخارجيَّة أنَّ على البعثات العاملة في العراق احترام القواعد، والأعراف الدوليَّة في تصرُّفاتها، وأن تُراعِي عند قيامها بمهامِّها دستور العراق، وعلاقاته مع دول الجوار جميعاً، وتُطالِب السفارة الأميركيَّة بحذف المنشور المُسِيء، والامتناع عن إصدار مثل تلك المنشورات مستقبلاً؛ بكلِّ ما يُسِيء إلى علاقات العراق بدول الجوار، والدول
الصديقة.
وكان موقع السفارة الأميركية ببغداد على الإنترنت؛ هاجم يوم الجمعة الماضي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي باتهامه بالفساد، ونشر عبارات مسيئة بحقه، مع دعوات للتحريض ضد الحكم
في إيران.