القرآن الكريم والحسين الشهيد

ريبورتاج 2023/07/27
...

 صباح محسن كاظم 


أجمع المفسرون، والعلماء، وكتاب السيرة على التركيز والتأكيد والتذكير بأن القرآن الكريم كتاب الله العزيز ينبه البشرية على اتباع الحق الذي يتمثل بنبينا رسولنا الخاتم وأهل البيت الكرام عليهم السلام.  وقد فصلوا تلك النصوص بحسب أسباب النزول، وقدموا شروحات وتفاسير بضميمة الأحاديث النبوية ودلالاتها وإشاراتها نحو بوصلة الولاء لآل محمد “ص” كما ببعض منها:

 بسم الله الرحمن الرحيم 

((قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)) الشورى 23، ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)) التوبة 119، ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)) الأحزاب 33.

الذكر القرآني الرباني بالثناء والولاء يدخل فيه أصحاب الكساء الخمسة النبي محمد والإمام علي والحسن والحسين وفاطمة الزهراء “ع”.

من هنا يتماهى الإصلاح الحسيني وثورته ونهضته، لا سيما بواقعة الطف الخالدة التي تمثل جذوة الصراع بين فسطاطي الحق والباطل بثنائيَّة تاريخيَّة تتجدد بين الخير والشر بالوجود، بيد أنَّ ما تمثله سمفونية الخلود، بتراجيديا كربلاء ذروة الصراع والعطاء الحسيني، فاجعة تدمي القلوب، وتقرح الجفون، وتنهمر الدموع من المآقي حسرة على الإمام المُضيع والجسد المُقطع المرضوض بحوافر الخيول، لقد استلهم جميع الثائرين والمصلحين بالبشرية من جميع العقائد والأديان الدرس الحسيني الخالد، بالمطالبة بالإصلاح، والعدالة الاجتماعية، والاحتكام لتحرير الذات البشرية من ربقة العبودية للحكام، بينما استلهم الشعراء بكل عصر ومصر من واقعة الطف أروع القصائد الخالدة، لا جمالية ومعنى للنص الشعري التربوي والديني بلا رمزية علي والحسين، ولا قيمة فنية وروحيّة وأخلاقيّة في أي عرضٍ مسرحي تراجيدي لا يمر بصرخة الحسين: ألا من ناصر ينصرنا، وما من تشكيلي رسم لوحة عن الشهداء إلا وفيها الحسين والطف والأجساد المقطعة.

يتجدد عبق الذكرى وأريج الشهادة المضمخ بالتضحية المقرونة بالإباء، بينما تتراجع بالبشرية القيّم الأخلاقية بحرق القرآن بالسويد من معتوه حجر عقله بأسلاك شائكة طوقته بالابتذال والرذيلة والجرأة على واجب الوجود وموجده بتصرفٍ أهوج كرره لمرتين وربما سيتمادى أكثر بالرغم من الاحتجاجات بكل العالم على التصرف الأرعن.

هذا العام بمحرم الحرام تُسترد ثنائية الحق والباطل بهذا الفعل الشائن الذي استنكر من المرجعية الدينية، فضلاً عن جميع الفئات الاجتماعية بحرق القرآن والعلم العراقي والشخصيات الدينية. إمامنا الحسين بتلك الصرخة المدويّة للحريّة والرافضة للظلم والعبودية، التي تنتشل الإنسان من دونيته، ووضاعته لتسمو به بالمواقف البطولية الداعمة للحقوق، بنصرة المظلوم ولِتعزز الثقة والإيجابيّة بالوقوف ضد كِّل ظالم. من هنا عمق الصلة بالحدث التاريخيّ المجلجل والمُهيب بشموخه على شرفات التاريخ البشري لذا سار على هذا الدرب كل الأحرار الذين لا يتملقون للطغاة، أو لأعوانهم، وخير تجربة في العراق الأشم المقدس الذي استشهد على ثراه بكربلاء سيد الشهداء وآل البيت والصحابة الأبرار، وشاركهم الشهادة من الأديان الأخرى كالمسيحيين وأجناس من قوميات بين التركي والفارسي وغيرهم لينالوا نفس المصير ويبلغوا الفتح.

الملحمة الحسينية تتجدد بكل عام ويركز الإعلام العراقي من خلال برامج مميزة بحوارات معرفية وفكرية هادفة، كما تخصص صحيفة الصباح صفحات لمقالات ودراسات عن الثورة الحسينية للتبصير والتذكير بالمجد الحسيني، والدرس التربوي من الملحمة المقدسة.

السمفونية الخالدة، التي تغدو متجددة بكل عام ولاسيما في العاشر من محرم الحرام يعود للأسباب التالية: 

معرفة منزلة الحسين الشهيد بالقرآن الكريم كانت من خلال الآيات الصريحة التي أجمع عليها جميع المفسرين بالآيات التي تؤكد صلة القربى بالرسول الأعظم ووجوب طاعته والولاء للحسين كأحد أبناء النبوة حفيد الرسول، وابن بنته سيدة نساء العالمين، وابن سيد الأوصياء الإمام علي بن ابي طالب فعظم المنزلة قابله الجحود الأموي والتطرف وسفك دمه الزكي، وأكملوا قبحهم بفعلهم الشنيع بسوق آل البيت كأسرى للقصر الأموي ليزيد، ذلك الفعل الوحشي دلالته نكث الإيمات والردة على مفاهيم الإسلام القرآن أمر بطاعتهم بينما كان الذبح مصيرهم بينما وصية القرآن بليغة بسيد الشهداء كما في الآية المباركة ((فَمَنْ حَآجّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَ نِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ 

ثُمَّ نَبْتَه)).