علي حنون
عَديد علامات الاستفهام تطفو على سطح التفكير عندما يأتي حديثنا على موضوع يتعلق بإمكانية وسبل النهوض بواقع منظومة كرة القدم وكيفية تعبيد طريق مُسابقتها لنصل في عملنا الى ما نطمح إليه من تطور يأخذ بكرتنا الى الأمام، ولعلّ في طليعة علامات الاستفهام تلك، هي هل نحن جادون بتنظيم مُسابقة نستطيع وضعها في خانة الاحتراف؟، ولا ريب في أن الإجابة عن هذا السؤال لا يُمكن أن تُبنى على اجتهادات أو تطلعات وإنما على مُعطيات واقعية وليدة للتجارب السابقة، لأنه حتى لو تباينّا في رؤانا، فإننا لن نصل بطموحاتنا في هذا الشأن الى درجة النجاح المطلوب في أولى خطواتنا نظير إيماننا بأن التوفيق لن يتحقق بين ليلة وضُحاها وسيكون نتيجة واقعية لعمل مُظن يتطلب جهوداً كبيرة وتعاوناً من قبل جميع الأطراف المعنية بملف كرة القدم.
التجارب الحيّة، التي مررنا بها ورافقت محطات عمل الإدارات المُتعاقبة لمنظومة كرة القدم أثبتت أن الحل الوحيد لانتعاش اللعبة يبدأ بالعمل الصحيح والسليم في الأندية الرياضية من خلال الاستقلالية والاعتماد على طرق التمويل الذاتية وإبعادها عن (طفيلية) اعتمادها على المعونات الحكومية وتحويلها الى شركات تخضع للرقابة المالية، وتقودها إدارات مهنية بعيدا عن مفهوم أخذ كثيرا من جرف تطورها من شاكلة (ابن النادي ونجم دولي)، ومع جل التقدير لكل الأسماء، التي لها مكانتها المحترمة، إلا أن العهد الجديد بات يفرض علينا واقعا مُغايرا يتطلب التغيير والسير في سبيل الإتيان بالمال لتمكين الرياضة، وليس تفريغ الخزينة على أجور نقل ومناسبات مُختلفة، لا تجدي نفعا.
ولعلّنا إذا عرجنا على اللقاء التجريبي، الذي جمع النصر السعودي وباريس سان جيرمان الثلاثاء الماضي في طوكيو، تحضيرا لاستحقاقات الموسم الجديد، فإننا سنكون أمام نجاحات كبيرة حققتها الأندية السعودية في تجربة مُلفتة وأمام مواجهة، تُحسب للفريق السعودي، وتُؤكد على سرعة الخطوات، التي أخذت المُسابقة في هذا البلد الشقيق، تسير في سبيلها، حتى بات أمر اللحاق بها من مسابقات دول مُحيطها، صعباً جداً، وهي بالنتيجة فلاح يُرصد للتوجهات، التي أمست حلقات عناوين مُتميزة تُؤطر عمل أندية المملكة.
ويقينا أن خطوات التطور، التي قطعتها الأندية هناك وانعكست على رحلة كرة القدم السعودية تأسست على رؤية مُخطط لها، بيئة إيجابية جاذبة، أموال مستثمرة في مكانها، إدارات محترفة، مشورات عالمية متخصصة، بنى تحتية متكاملة، تعاقدات احترافية حقيقية، إعلام محترف يعمل بفلسفة واحدة عنوانها شركاء في التطور، جماهير ساندة تعرف حدود تعاطيها، فضلا عن توفر بيئة عامة مُستقرة خالية من هزات المشاكل والأزمات، وكل هذه الحلقات تقودها وتشرف عليها رؤية دولة داعمة وراغبة في تسويق البلد من نافذة كرة القدم.
وفي النهاية نعود بعلامة استفهام جديدة نختَتم بها سطور مقالنا هذا، هل لدينا البيئتان العامة والخاصة اللتان تمكنان أنديتنا بفعالياتها المُختلفة وكرة القدم رأس الرمح في الرياضة على وجه التحديد من إصابة النجاح؟، الإجابة - بلا ريب - ستأتي فيها من التباين في وجهات النظر، الشيء الكثير، لأنها لدى كل شخص تنطلق من ثقافته التخصصية والنافذة، التي يطل من خلالها على ساحة الأحداث.