ياسر المتولي
هل القطاع الخاص العراقي جاهز لتحمل مسؤولية إعطائه دورا في إدارة الملف الاقتصادي للمرحلة المقبلة؟ امتحان!. للإجابة عن هذا السؤال لابد من مراجعة سريعة لما آلت إليه الظروف من تشوهات في بنية الاقتصاد العراقي، إذ إن المعطيات تشير إلى عدم اعتماد أسس الانتقال الصحيح من المنهج الشمولي إلى المنهج الحر .إذ إن الدستور أقر بانتهاج اقتصاد السوق بينما ما زالت القوانين الشمولية هي السائدة، أو بالأحرى ما زالت العقلية الشمولية هي السائدة، لذلك برزت هذه التشوهات وصعوبة تحقيق الإصلاح الاقتصادي، بغض النظر عن أي المنهجين أصلح لتوضيح حياديتي في التحليل .هنا وعلى الصفحة الاقتصادية بالتحديد ومنذ بداية التغيير كتبت العشرات من المقالات الخاصة بأهمية إعطاء دور للقطاع الخاص في إدارة الملف الاقتصادي في ضوء معطيات الانتقال ولكن من دون جدوى .الآن نلاحظ خلال مدة تولي السوداني لرئاسة الحكومة أن اهتماماً يطفو على السطح، إذ إنه، أي دولة الرئيس، قام بلقاءات مع عديد من النخب التي تمثل القطاع الخاص في إشارة إلى الإقرار بأهمية القطاع الخاص في إيجاد حل للتشوهات البنيوية التي أصابت الاقتصاد ومنها ما يتعلق بمعالجة ملفات شائكة لا تقدر الدولة على حلها بمعزل عن القطاع الخاص ومن بين أهمها وأعقدها مشكلة البطالة المستفحلة .هذا التوجه وآخره لقاء دولة الرئيس للمجلس الاقتصادي العراقي، وكان مثمراً لأن السوداني استمع إلى أبرز التحديات التي تعيق القطاع الخاص في إبراز دوره المطلوب في هذه المرحلة ووعد بتذليلها، أقول إن هذا التوجه هو الأبرز في هذه المرحلة .لكن السؤال الذي يبرز هنا؛ كيف يمكن تذليل هذه التحديات؟ الجواب قطعاً بتبني قرارات وتشريعات وإجراءات حاسمة وملزمة، وهذه تتطلب تفاهما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتسهيلها وإقرارها على وفق مصلحة البلد العليا.
وهنا أود أن أشير إلى أن مبادرات السوداني بهذا الاتحاه هي رسائل اطمئنان إلى القطاع الخاص بجدية الحكومة في دعم القطاع الخاص لإدراكها لعدم إمكانية حل المشاكل من دون دور فاعل للقطاع الخاص .وهنا لابد من أن أشير إلى أنه لابد من ملاحظة لقاء وفدي العراق والأردن الأخير في بغداد قد تمخض عن اتفاقات مهمة وأبرزها يقع تنفيذها على عاتق القطاع الخاص بين البلدين .واللافت أن رئيس الوزراء الأردني قد طعم وفده الحكومي الرسمي بعدد من ممثلي القطاع الخاص الأردني الفاعلين، وهذا السياق معتمد في أغلب دول العالم إلا في العراق، فنادراً ما يتبع هذا الأسلوب .وهنا لابد من التأكيد أن أي وفد عراقي في المستقبل لابد من أن يضم ممثلين عن القطاع الخاص من رجال أعمال حقيقيين بالتجربة وليس بحمل صفة رجل أعمال .
وإذا كانت التكاليف غير محسوبة بتخصيصات الإيفادات الحكومية فإن ممثلي القطاع الخاص قادرون على تحمل نفقات سفرهم خصوصاً أن الجدوى الاقتصادية لمثل هذه السفرات أو الإيفادات والوفود ماثلة . الآن يمكن الإجابة عن سؤالي عن مدى جهوزية القطاع الخاص للامتحان الصعب، فإن لدينا قطاعا خاصا مرموقا ومشهودا له بالتجارب الماثلة في إنجاز مشروعات مهمة في البلد وهؤلاء هم من يمثلون القطاع الخاص الحقيقي، وعليه نبني الآمال وجهوزيتهم حاضرة شريطة دعمهم بالتشريعات أو القوانين الضامنة لحقوقهم. نتأمل خيراً بهذا التوجه غير المألوف في الحكومات السابقة ونبقي أعيننا على النتائج ونتابع ونقيم لنرى.