مختصون: أزمة الدولار اقتصادية سياسية
بغداد: هدى العزاوي
أطلتْ أزمة سعر الصرف برأسها مجدداً في الأسواق المحلية بعد عقوبات أميركية شملت 14 مصرفاً حرمتها من التعامل بالعملة الصعبة ودخول مزاد العملة، ومع أن الأزمة الحالية شارفت على الانتهاء، إلا أن مختصين رأوا ـ تفسيراً لتكرار الأزمة ـ أنها "مركبة" وتحمل أبعاداً سياسية واقتصادية.
وقال مقرر اللجنة المالية في البرلمان السابق، أحمد الصفار، في حديث لـ"الصباح"": إن "عدم استقرار سعر صرف الدولار بما يسببه من عبء كبير على المواطن نتيجة لارتفاع الأسعار وتآكل مدخولاته بشكل عام سواء كان موظفا أو عاملا أو لديه دخل متقطع، يجعلنا نذهب إلى أن سببه سياسي واقتصادي ومالي"، منوهاً إلى أن "الاقتصاد العراقي بيد السياسيين، بمعنى أن السياسة هي التي تقود الاقتصاد والكتل السياسية تتدخل في عملية كتابة وتشريع الموازنات العامة وبنودها وتخصيصاتها".
وأوضح الصفار أن "الطبقة السياسية ومنذ عام 2003 لم تتمكن من وضع سياسة مالية اقتصادية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي إلا أنهم تعمدوا زيادة الاعتماد على الريع النفطي، وبالتالي لا يوجد إنتاج عراقي حقيقي، فالميل المحلي لتغطية الحاجات هو للاستيراد بأكثر من 95 % من حاجة البلد، وهذا شيء طبيعي بوجود ريع نفطي بالدولار إذ يتم استيراد السلع والبضائع من دول إقليمية".
وأوضح أن "هناك سياسة متعمدة بأن لا يكون في العراق جهاز إنتاجي للسلع والخدمات وأن يبقى سوقاً لتصريف سلع الدول الإقليمية مقابل إيرادات النفط، مع ملاحظة أن العراق أصبح ساحة للصراع السياسي الدولي والإقليمي".
وأشار إلى أن "فرض عقوبات من قبل الفيدرالي والخزانة الأميريكيين على 14 مصرفاً عراقياً بدعوى تحويلها للدولار الى دول تخضع لعقوبات أميركية فيه خلل بنيوي واقتصادي فالعراق لطالما يستهلك من هذه الدول وبالتأكيد فهو يدفع بالدولار".
في حين رأى البروفيسور في الشأن الاقتصادي جعفر علوش، في حديث لـ"الصباح"، أن "أزمة الدولار أزمة فعلية قد تتفاقم، فالدولار أميركي الملكية وبقية الدول حائزة له والمالك يضع ضوابط للتعامل به، والاستهانة بهذه الضوابط غير ممكنة دوما".
بينما أشار الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل جبار التميمي لـ"الصباح" إلى أن "ما حدث خلال الأيام الأخيرة هو تكرار لعقوبات الخزانة الأميركية"، مبيناً أن "توجيه عقوبات جديدة لمصارف عراقية غالباً ما يولّد مخاوف من عودة الدولار للارتفاع من جديد كما حدث قبل ثمانية أشهر".
وأضاف التميمي أن "الشائعات تغذي فكرة صعود الدولار من دون رد فعل معاكس من قبل أجهزة الدولة أو حتى المحللين السياسيين والاقتصادين الذين باتوا كحمالي الحطب وساكبي الزيت على النار، فحتى الان لا يوجد مؤشر مقنع أو عامل واضح لارتفاع الدولار مجددا"، مستدركاً بـأن "هناك احتمالية واحدة قد تؤدي لارتفاعه مجددا لفترة وجيزة وهي سلوك المصارف المعاقبة بشراء الدولار من الأسواق بترليونات الدنانير المتوفرة لديها ".