حروب الغناء

ثقافة شعبية 2023/08/03
...

كاظم غيلان

بقدر ما يتسرب الحب لجميع مساماتنا وينتشر كأغنيات ترافقنا منذ الصباح . تتسلل الكراهية بدءًا من صندوق قمامة مركن في رأس زقاق نسكنه، نتناسى آخر صيحات حبيباتنا التي هي همسات فيها من الجمال كل مايدفعنا للحياة .
يتنامى الحقد ويتسرب، وهذا من حقه ضمن معادلة صراعه الازلي مع الحب منذ بدء الخليقة.
ثمة الغذاء- الغناء الذي يعيش معنا ذكورا وإناثا، هو الآخر، ينهض مع حواسنا منذ اليقظة الأولى وبموجبه نؤسس لمجمل حياة اليوم بكامل تفاصيله.
رحت أصغي في ركن بعيد لمغن في مقتبل العمر،وإذا به يصرخ - لايصدح- بقوة في بيت من ( الابوذية) :
(شجاك وحشدت جيشك عليه).
كدت أصرخ به لو لا كوني ضيفا في مدينة بأقصى شمال الوطن لأقول له:
من أين بدأت الحرب حتى تسلل لك هذا الحقد، وأنت محاط بجبال وشلالات ودبكات ومزامير،...  
الخ؟
راجعت نفسي لأن أتأكد ما بمضمون سؤالي، الذي لا يخلو من الاستفزاز، فوجدت كل الحق معه، فهو شبه هارب من حرارة الجو في جنوب ووسط البلاد، التي  اتخمها القهر وتشبعت بأغانٍ استلت مضامينها من طبيعة حياة موغلة بالعنف، وإلا ماذا يعني كل ذلك الذي جاء في الاغنيات على
شاكلة :
( تضربني طول الليل بالخيزرانه) أو:
(تكسرني وتلويني بايدك.. روحي وكلبي تصير بأيدك).
نحن نكتب حروف حفلات تعذيب فأين هو الحب؟
ننادي بحقوق المرأة ونستمع إلى أغنية (فصلية) لعلنا نقف انتصارا لها فنكتب :
(تعال احضنك حضنه مال انتقام).
في الحرب العراقية - الإيرانية تدفق سيل من غناء الحقد والتحريض على الموت المجاني:
(ها دكوهم دك)!
طيب.. انتهى الدك وتبادلنا أسرانا ورسمنا حدودنا وحل السلام واذا بنا نغني:
(ها خالي ابن اختك معرض)
أو (ايلاكونه لوبيهم زود)
هل هذه أغنيات وطنية، أين هو الوطن، أين هو الحب؟
انتظر اغنية يكتبها شاعر.. نعم؛ شاعر.