البخار.. مصدر بريطاني جديد للطاقة

بانوراما 2023/08/03
...

 كريس بارانوك
 ترجمة: كريمة عبد النبي

يعمل فريق من البرتغال على مشروع، يتم تمويله من قبل الإتحاد الأوروبي، يعمل هذا على تسخير رطوبة الهواء لتكون مصدرا للطاقة. ورغم أن معلومات المشروع متوفرة على شبكة الانترنت، فإن المعلومات المفصلة عن تجارب هذا الفريق لم تنشر بعد.
لم يكن أي من العاملين داخل المختبر يصدق ما يرى حيث بدأ جهاز تجريبي في المختبر وجهاز استشعار الرطوبة بتوليد إشارات طاقة
كهربائية.
وقد يعتقد البعض أن ذلك غير ممكن، لكن جان ياو من جامعة ماساتشوست يقول: "لسبب ما، نسي أحد الطلبة العاملين على هذا الجهاز توصيل الكهرباء للجهاز، فكانت هذه الحادثة هي بداية القصة". ومنذ تلك اللحظة، قبل خمس سنوات، عمل ياو مع مجموعة من الطلاب في الجامعة نفسها على تطوير تكنولوجيا جديدة تهدف للحصول على الطاقة الكهربائية من رطوبة الهواء وهي ظاهرة تعرف باسم
"كهرمائية".
كانت هذه الفكرة مطروحة لسنوات، إذ عملت عدة مجموعات سابقا على هذه الفكرة، لكنها لم تتوصل إلى نتائج واعدة. غير إن الأمور بدأت تتغير حاليا. فقد اكتشفت مجاميع بحثية حول العالم طرقا جديدة للحصول على الطاقة الكهربائية من جزيئات الماء (بخار الماء) التي تطفو في الجو. وهذه العملية ممكنة لأن جزيئات الماء تستطيع تحويل أو نقل شحنات كهربائية صغيرة فيما بينها، وهي عملية يأمل الباحثون بالسيطرة عليها.
إن التحدي الوحيد لهذه العملية هو الحصول على طاقة كهربائية كافية للاستخدام. لكن العلماء يعتقدون اليوم أنهم قد يكونون قادرين على الحصول على طاقة كهربائية كافية لتشغيل حاسبات صغيرة أو أجهزة استشعار. زادت هذه الطريقة من التوقعات بالحصول على شكل جديد من أشكال الطاقة
المتجددة.
خلال عام 2020، نشر ياو وزملاؤه بحثا علميا، يشرحون من خلاله كيف تعمل أسلاك نانوية صغيرة، تنتجها أنواع خاصة من البكتيريا، بالحصول على الطاقة الكهربائية من الهواء، ومع أن هذه الطريقة لا تزال قيد النقاش، ظهر أن هذه الجزيئات الصغيرة لهذه المادة (الأسلاك النانوية) لديها القابلية على احتجاز جزيئات الماء العائمة حيث تبين أن جزيئات الماء تولد شحنات عند احتكاك هذه الجزيئات مع مادة الأسلاك النانوية.
مرونة الطريق للإنتاج
يشرح ياو هذا النظام (الحصول على الطاقة الكهربائية) بالقول أن معظم جزيئات الماء تبقى قريبة من السطح وستعمل على تأمين الكثير من الشحنات الكهربائية إلى طبقة أعمق. وهذه العملية من شأنها أن تخلق اختلافا في الشحنات الكهربائية بين الأجزاء العلوية والسفلى من طبقات المادة (جزيئات الماء)، مضيفا أنه: "مع مرور الوقت، يمكن رؤية حدوث انفصال بالشحنات وهذا هو بالضبط ما يحدث في الغيوم". وتعمل الغيوم أيضا على إنشاء شحنات كهربائية منافسة. وهذا يعني أنه يمكن توليد الطاقة الكهربائية عن طريق تأثير حركة جزيئات الماء وخلق الظروف الملائمة لانفصال
الشحنات.
وأوضح ياو "أن هذه الطريقة يمكن أن تعمل في أي مكان أو أي جزء من الأرض". فخلال شهر آيار الماضي نشر ياو وزملاؤه دراسة عملوا خلالها على انتاج النوع نفسه من التركيبة لكن باستخدام مواد مختلفة من رقائق أوكسيد الغرافين وألياف سليلوزية مستخرجة من الخشب. وقد عمل الجميع بجد على هذه الدراسة، مع أن المهم هو التركيبة وليست المادة المستخدمة بحد ذاتها.
 ومن خلال التجارب التي تم إجراؤها، توصل الباحثون إلى أن أجهزة أدق من الشعرة تعمل على انتاج كمية قليلة من الطاقة الكهربائية تعادل
جزءا من الفولت (وحدة قياس).
وقد أشار ياو إلى أن من خلال استخدام مواد أكثر أو ربط أجزاء من هذه المواد مع بعضها يمكن الحصول على شحنات كهربائية تعادل عددا من الفولتات أو أكثر.
وتشير ريشما راو، وهي مهندسة مواد في جامعة امبريـال في لندن، إلى أن "هناك مرونة كبيرة فيما يتعلق بنوعية المواد المستخدمة في التجربة".
مع ذلك فإنه ليس من الواقع أن نتخيل إنه يمكن لمثل هذه التكنولوجيا أن تنتج طاقة كهربائية كافية للأبنية أو للمكائن والمعدات التي تستهلك كمية كبيرة من الطاقة كالسيارات، لكن يمكن استخدام مثل هذه الطاقة الكهربائية في الأجهزة الألكترونية الصغيرة وأجهزة الاستشعار.
لقد تم تسجيل هذه الظاهرة (انتاج الطاقة من بخار الماء) سنة 1840 عندما شعر سائق قطار يعمل في منجم للفحم شمال نيوكاسل شمال شرق انكلترا حيث شعر بوخزة في كفه بينما كان يعمل على تشغيل الماكنة. بعد ذلك لاحظ وجود شرارة صغيرة تتحرك بين أصابعه وبين رافعة المركبة التي يعمل عليها. وعندما بحث العلماء في هذه الحادثة وجدوا أن البخار عندما يلامس مادة مرجل الماكنة فإنه يتسبب بتوليد شحنات
كهربائية.
عن موقع (بي بي سي)