أبراج الحظ الكهربائيَّة

الصفحة الاخيرة 2023/08/07
...

عبد الهادي مهودر

عندما تبحث عن مفردة (أبراج) في محرك البحث غوغل، تختلط الأمور على السيد غوغل، فيستعرض لك بيانات وزارة الكهرباء عن استهداف أبراج خطوط نقل الطاقة الكهربائية، إلى جانب عرض أبراج الحظ بمجاميعها الأربع النارية والهوائية والمائية والترابية، مع أني كنت أبحث عن تاريخ استهداف أبراج الطاقة وتوقيتاتها، وليس عن أبراج الحظ التي لا اؤمن بها لكني أصدّقها إذا راقت لي، غير أن أبراج الكهرباء أصبحت مثل أبراج الحظ، وأسوأها حظاً هو (خط نقل الطاقة الكهربائية الضغط الفائق صلاح الدين الحرارية - حديثة، جهد400) فتاريخه حافل بالاستهدافات وخلال يومين فقط تعرّض لعمليتين تخريبيتين بتفجير عبوات ناسفة ما أدى إلى سقوط البرج المرقم 201)، حسب بيان وزارة الكهرباء، وتكرار استهداف الأبراج نفسها خلال يومين يعني أننا لدغنا من الجحر مرتين، ويجب أن نعيد النظر بخططنا واحتياطاتنا الأمنية والكهربائية، ما يعني أن داعش وأخواتها ما زالت تعمل وتجد الفرص والثغرات والأجواء والصراعات والظروف التي تمكنها من العودة إلى البرج نفسه مرتين، وكأنها تسدد إطلاقة أخيرة في رأس قتيلها للتأكد من كونه قد فارق الحياة، ووزير الكهرباء في حكومة داعش المنحلة لا يزال يفكر ويخطط ويستغل الظروف المواتية، ويعقد اجتماعاً طارئاً مع الكادر التخريبي المتقدم لاختيار الزمان والمكان المناسبين، ويوجّه بالتنسيق مع الأذرع الساندة لتحقيق الإطفاء التام في أيام الذروة وخلق أكبر حالة تذمر ممكنة، ومهم جداً أن تعرف عدوك وتقر بالقدرة التخريبية التي يمتلكها، وأن (تتحزّم للواوي بحزام ذيب) كما تقول الحكمة الشعبية، وليس صحيحاً الاتهام الجاهز حتى لو كان الاستهداف يحمل بصمات داعش، والمحقق يترك الأبواب مفتوحة لكل الاحتمالات، فلقصة الكهرباء في العراق واقع مرير وبعد دولي معروف، وبعد داخلي يعمل بمحركات الفساد والابتزاز المالي والسياسي، أما اتهام داعش فهو أبسط الحلول لانهاء التحقيقات التي لا توصل إلى نتيجة، كما أن وصفهم بالمخربين قليل بحقهم سواء كانوا من تنظيم القاعدة في السابق أو من داعش أو من أية جهة كانت، فهؤلاء أعداء للشعب كله والحياة كلها مرضى يعرفون حجم الأذى الذي يحصل في حالات الإطفاء ويتلذذون بتعطيل المستشفيات وقطع الماء ويتقربون بها إلى شياطينهم، وقد تولّدت لديهم خبرة ومعرفة بشبكة إنتاج وتوزيع الكهرباء ومحطاتها ونقاط قوّتها وضعفها، ويعرفون من أين تؤكل الكتف، وكل المؤشرات تقول إنهم خبراء في اختيار المكان والزمان وتحقيق الإطفاء التام بضربتين مزدوجتين في آن واحد، وإذا كانت المعركة في هذا المجال مستمرة بلا هوادة والقوات الأمنية والجهد الاستخباري يحبطون الكثير من الهجمات قبل وقوعها، فالمواطنون يتمنّون رؤية (لقطة فيديو مصوّرة) لذئب منفرد أو مجموعة ذئاب بشرية عند تعرضهم لضربة مباشرة بطائرة مسيّرة لحظة الاقتراب من أبراج الطاقة، عند ذلك فقط يرى الناس (الدولة) ويشعرون بوجود (وطنية) حتى في ساعات القطع المبرمج.