(الطاء) الأصيلة.. و(الدال) الدخيلة

الرياضة 2023/08/07
...

علي رياح
في مبارياته الأربع التي خاضها الشرطة في كأس الملك سلمان، كان الفريق لاعبين وطاقماً تدريبياً وإداريين وحتى جمهوراً، يضع جواباً شافياً للسؤال الذي سبق المشاركة في التجمع الكبير للأندية العربية، خصوصاً ما يتعلق بما يمكن أن يقدمه (الأخضر) في ظل عجز الأندية العراقية على نحو عام عن تقديم صورة خارجية مُشرّفة للكرة العراقية باستثناء ما قدمه القوة الجوية في كأس الاتحاد الآسيوية في أكثر من نسخة!
سؤال لم مطروحاً لذاته، أي أنَّ القضية لم تكن تتعلق بما يمكن أن يذهب إليه الفريق في البطولة العربية، بل كان يرتبط بطبيعة التناول على ساحات السوشيال ميديا من تشكيك في قدرات الفريق.. تشكيك وصل إلى حدّ وضع العصي في عجلات الفريق حتى قبل أن تبدأ المباريات، والبعض انتهى من باب الطرافة أو المزاح الثقيل إلى الاستعاضة بحرف (الدال) بدل (الطاء) ليستخدم وصفاً لا يليق وهو (الشـَردة) في إطار العبث والاستخدام غير المنضبط في المساحة التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي!
الشرطة كان يُعدُّ بنفسه الإجابة ابتداء من مباراته الافتتاحية مع الصفاقسي التونسي، وكان ظهوره المفرح وفوزه المستحق سبباً في تحول مسار (اللعب) في السوشيال ميديا إلى اتجاهين.. الأول كان يرى في الفوز نقطة استهلال رائعة ويجب تشجيع الفريق دونما تردد أملاً في أن يتقدم خطوة أو خطوات في البطولة، والاتجاه الثاني احتفظ – للأسف الشديد – بسلبيته وكان أقلّ ما قدمه للفريق هو الانتظار وربما الامتناع عن تقديم الدعم ولو بكلمة ريثما يتضح الموقف في المجموعة ككل!
كان الشرطة – بالطاء الأصيلة – في الموعد، ولا شك.. كان انتقاله كوصيف من المجموعة إلى الدور ربع النهائي ثم إلى نصف النهائي بعد الفوز على القطب الآسيوي الكبير السد، غير وارد في حسابات حتى كثير من المتفائلين، ومن هنا حدث التحول الذي كنت شخصياً أراهن عليه قبل البطولة.. كنت أرى أن فريقاً بحجم الشرطة له كل هذا التاريخ والإنجازات، ولديه كل صنوف الرخاء المادي، وفي صفوفه نخبة من أبرز المحليين والدوليين والمحترفين العرب والأجانب لا بدّ أن يُظهر نفسه بين كبار العرب وألا يكون ضحية للانطباع الأولي الذي رسمه المتشائمون والناقمون، وأن يقلب المعطيات ليؤكد أن في إمكان العراق أن يقدم ممثلاً للبطولة العربية له القدرة على كسر الحواجز النفسية والنتائجية التي جعلت أنديتنا في مؤخرة السباق العربي!
الشرطة في نصف نهائي بطولة أندية العرب.. إنه المنجز الكبير الذي قد يتعاظم ويكبر، في تجسيد لحقيقة أن الأخضر لعب مع الكبار، وتحداهم وتفوق في كثير من فصول مبارياته، وهذا درس لنا جميعاً، والأهم عندي أن هذا درس بليغ للإدارة الشرطاوية بالذات والتي كانت حتى الأمس القريب تـُبدي تردداً في خوض مثل هذا التحدي الخارجي، فتسببت في انبثاق حرف (الدال) ليُوصم به الفريق ظلماً وبهتاناً.. ولتوقن الإدارة بأن لديها فريقاً له القدرة على العطاء على أي صعيد، ولعل درساً كهذا يفتح أمامها أبواب تحديات أخرى لا ينبغي أن تتردد في الذهاب إليها واقتحامها لتنال مَجداً أهم وأكبر!