جيسي يونغ ويونجونغ سيو
ترجمة: بهاء سلمان
تغيّرت مرافق الرعاية الخاصة بالطفولة في كوريا الجنوبية، لتلائم تقلص عدد مرافق رعاية الأطفال بمقدار الربع تقريبا خلال السنوات القليلة الماضية، ما يعكس اخفاق حملة التشجيع على الإنجاب في البلاد. كان هناك نحو 40 ألف مبنى لرعاية الأطفال، وفقا للأرقام الحكومية الجديدة عن سنة 2017، وبحلول نهاية العام الماضي، انخفض هذا العدد إلى 31 ألف مبنى تقريبا.
ومع تقدّم السكان في السن بسرعة، ارتفع عدد مرافق المسنين من 76 ألف دار سنة 2017 إلى نحو 90 ألف العام الماضي، وفقا لوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في البلاد.
تشمل مرافق رعاية المسنين دور رعاية كبار السن والمستشفيات المتخصصة ووكالات الرعاية الاجتماعية، التي تساعد المسنين على التنقّل في الخدمات الاجتماعية أو وسائل الحماية. يوضح هذا التحوّل مشكلة استمرّت سنوات عديدة فشلت البلاد حتى الآن في عكس مسارها، لأنها واحدة من أسرع السكان شيخوخة في العالم، وأقل معدل للمواليد في العالم، والذي ظل في انخفاض مستمر منذ عام 2015، رغم تقديم السلطات الحوافز المالية واعانات الإسكان للأزواج، الذين لديهم المزيد من الأطفال. يعزو الخبراء هذا المعدل المنخفض للمواليد إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك تقاليد العمل كثيرة المطالب، وركود الأجور، وارتفاع تكاليف المعيشة، والعبء المالي لتربية الأطفال، وتغير النظرة تجاه الزواج والمساواة بين الجنسين، وتزايد خيبة الأمل بين الأجيال
الشابة.
بدأت تحذيرات حكومية عن ضرورة إجراء تدابير محددة لتشجيع الأسرعلى زيادة الإنجاب منذ العقد الأول من القرن الحالي. في أيلول الماضي، اعترف رئيس كوريا الجنوبية "يون سوك يول" بأنه تم إنفاق 200 مليار دولار لزيادة عدد السكان خلال 16 سنة الماضية، بلا ثمرة تذكر. وكانت الآثار واضحة بشكل متزايد في النسيج الاجتماعي والحياة اليومية. ويجري إغلاق العديد من المدارس الابتدائية والثانوية في جميع أنحاء البلاد بسبب نقص أعداد الأطفال في سن المدرسة، وفقا لوكالة الأنباء الكورية يونهاب، نقلا عن وزارة التعليم. وتظهر الأرقام الصادرة عن هيئة الإحصاء الرسمية في البلاد أن العدد الاجمالي للمدارس المتوسطة والثانوية، ظل بدون تحرّك لسنوات منذ عام 2015.
في دايجون، جنوب سيئول، أصبحت إحدى هذه المدارس المهجورة مكانا شهيرا للمصوّرين والمستكشفين الحضريين، وتظهر الصور ممرات فارغة بشكل مخيف، وساحة مدرسة مليئة بالاعشاب البرية.
ندرة المواليد الجدد
هناك أزمات مماثلة في بلدان أخرى ضمن منطقة شرق آسيا تشهد انخفاضا بمعدلات المواليد. مثل اليابان، حيث مر على إحدى القرى فيها 25 عاما دون تسجيل ولادة واحدة، حتى عُدّ الإعلان عن ولادة طفل في عام 2016 بمثابة معجزة، وتوافد المهنون المسنون إلى منزل الرضيع لاحتضانه.
أدى تزايد عدد السكان المسنين في كوريا الجنوبية إلى انفجار في الطلب على الخدمات الخاصة بكبار السن. كما يوجد في كوريا الجنوبية أعلى معدل لفقر المسنين بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث يواجه نحو 40 بالمئة من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما "فقرا نسبيا"، حددته المنظمة على أنه دخل بنسبة تقل عن 50 بالمئة من متوسط الدخل المتاح للأسرة. وكتبت المنظمة في تقرير صدر عنها سنة 2021: "في كوريا، لا يزال نظام التقاعد في مرحلة النضج، ولا تزال الأجيال الحالية تتلقى رواتب تقاعدية منخفضة للغاية".
يشير الخبراء إلى عوامل أخرى تتمثل بالاتجاهات الاقتصادية العالمية، وانهيار التقاليد الاجتماعية القديمة التي شهدت رعاية الأولاد لآبائهم، وعدم كفاية الدعم الحكومي للشرائح الكادحة ماليا. وهذا يعني أن عددا من كبار السن المشردين، وهم جزء من جيل ساهم بإعادة بناء البلاد بعد الحرب الكورية، يضطرون لطلب المساعدة من الملاجئ والمطاعم. قد تساعد الزيادة السريعة لمرافق المسنين مؤخرا على التخفيف من بعض هذه المشكلات. ولكن لا تزال هناك مخاوف طويلة الأمد بشأن مستقبل الاقتصاد الكوري، حيث يتضاءل ببطء عدد العمال الشباب، الذين يلعبون دورا حاسما في دعم أنظمة الرعاية الصحية والرواتب التقاعدية.
وكالة سي أن أن الاخبارية