ياسر المتولي
أختزل محصول القمح معبِّراً عن الزراعة بمجملها لغرض تحليل عنوان مقالي وجعله قريباً لأذهان المتصدّين للسياسات العامة في الدولة وأقصد (العراق) طبعاً.
لو نتتبع مخرجات ونتائج الحرب الروسيَّة الأوكرانية على حاجة بلدان العالم إلى محصول القمح باعتباره المورد الرئيس للغذاء وباعتبار أنَّ هاتين الدولتين يبلغ إنتاجهما بحدود ثلثي الإنتاج العالمي من هذا المحصول.
وهنا سأركز على الجانب الاقتصادي ضمن اختصاصي واهتمامي على الجانب السياسي رغم أنَّ العملية مترابطة ولكن للوصول إلى هدف الأهمية الاقتصادية للزراعة للبلدين، وهنا لي عودة للحديث عن الزراعة في العراق وهو هدفي النهائي من المقال.
لقد تمكنت كل من روسيا وأوكرانيا من استمالة أغلب البلدان التي تحتاج إلى محصول القمح بوقوفها على الحياد من الحرب الضروس القائمة بينهما لا بل ذهبت بعض الدول إلى تقديم المساعدة وعرض الوساطة بين البلدين انطلاقاً من مصالحها وأقرب مثال على هذا الدور تركيا باعتبارهاً
ممراً للقمح إلى أغلب دول العالم.
ونلاحظ على الجانب الآخر أنَّ الجزائر وهي الدولة العربية الأكثر جرأة على مواجهة القرارات الأميركية والأوروبية عبر موقفها في الإقدام على طلب الانضمام إلى مجموعة البريكس من جهة وعدم الاكتراث لمناشدات أوروبا بتخفيض أسعار الغاز بقصد التضييق على روسيا ما دفع الثانية أقصد روسيا لتقديم ضمانات بتدفق القمح إلى الجزائر بكل سهولة مكافأة لدورها وموقفها هذا ومن هنا ومن خلال هذا النموذج تتضح الصورة بأنَّ القمح منافس لمصار الثروات والطاقة أي يمتلك ذات الأهمية الاقتصادية، كما يتضح أنَّ كل بلد يسعى لضمان مصالحه الخاصة باستخدام ثرواته.
عوداً على ذي بدء بشأن البحث في موضوع القطاع الزراعي في العراق، فإنه البلد الذي يصنف تاريخياً بالزراعي وإنَّ 70 بالمئة من سكانه من انحدار فلاحي عند قياسه على وفق تصنيفه من ناحية الطبقات الاجتماعية.
ولكن بسبب ظروف عدّة تراجع الإنتاج الزراعي وكان أقساها الحصار الذي فرض على العراق إبّان الحقبة السابقة وقد واجه العراق ذلك الحصار بالتركيز على زراعة القمح كمادة أساسية للغذاء وقد بلغت معدلات الإنتاج ما حقق الاكتفاء الذاتي وفائضاً فيه. لسنا بصدد المديح وإنما نسعى للإعادة إلى الأذهان بإمكانية جعل محصول القمح العراقي منافساً لباقي الثروات أو لنقل مكملاً لمصادر الموارد في تعزيز الاقتصاد وتقويته
في ظروف الأزمات والتحديات.
كل المبررات التي تدعي عدم القدرة على تحقيق فائض بالإنتاج غير دقيقة سواء شح المياه أو نقص الأسمدة ونقص المساحات الصالحة للزراعة كلها تعالج بالعقول العراقية واستقدام التكنولوجيا الحديثة إن توفرت الإرادة .
فالزراعة نفط دائم والنفط في زوال وتناقص ويبقى الغذاء سلاحاً يهدد الشعوب.
نتمنى أن تصل رسالتنا إلى من يهمه الأمر وأنا أراهن أنَّ من يتصدى لقيادة البلد وهو من انحدار فلاحي واختصاصه مهندس زراعي قادر على تحقيق النهوض بالزراعة إجمالاً والقمح على وجه الخصوص. لننظر إلى مصلحة بلدنا هذه المرة ونتصدى للأحداث ومخاطر المتغيرات العالمية على مختلف الأصعدة.