الوحدات السكنية تحت المجهر الاقتصادي

اقتصادية 2023/08/20
...

أ.د. مصطفى كامل رشيد



تستهدف حكومات العالم النمو السكاني من أجل الحد من آثاره الضارة في استنزاف الموارد الاقتصادية المتاحة والنادرة على حد سواء. فالبعض يحدد النسل والآخر يضع برامج للاستفادة من الوفرة السكانية في خدمة الاقتصاد، وفي كل الأحوال فإن معدل النمو السنوي للسكان يراقب بحذر شديد لدى حكومات العالم من أجل درء مخاطر الزيادة السكانية، وما ينجم عنها من تأثيرات متتابعة في سلسلة واسعة من المتغيرات الاقتصادية. شهد العراق خلال العقدين الأخيرين زيادة سكانية كبيرة وسريعة لم تلق اهتمام صناع القرار، بل ترى البعض يستغرب من زيادة الطلب المحلي والفقر والبطالة، والبعض يستهجن توسع العوائل وانشطار الوحدات السكنية إلى مساحات لا تليق بالعيش الكريم. نجحت هيئة الاستثمار في تنفيذ بعض مراحل مشروع مدينة بسماية السكني الذي وفر عددا لا بأس به من الوحدات السكنية لذوي الدخل المحدود من السكان، ولكن سرعان ما انتفت الحاجة لإنشاء مشاريع الوحدات السكنية المستهدفة لطبقة ذوي الدخل المحدود والأسر الفقيرة من دون سابق إنذار أو دراسة مسبقة، حتى باتت هيئة الاستثمار تمنح إجازاتها لمشاريع الوحدات السكنية المستهدفة للأثرياء  والأغنياء وميسوري الحال في جميع مناطق مدينة بغداد، حتى امتلأت كل مناطق بغداد بتلك المشاريع السكنية التي لا يستطيع أغلب السكان الشراء فيها أو التمتع بخدماتها، وأصبحت أيقونة لأصحاب الثروات الطائلة الذين ليسوا في الغالب بحاجة أصلا لتلك الوحدات السكنية التي أخذت تحاكي الطابع المظهري لأغلب تلك الفئة من السكان، وأصبحت مشاريع الوحدات السكانية لمن لا يمتلك عقارا أو بيتا حلما لا يمكن تحقيقه حتى في المستقبل القريب.