سلطة الفرد

الباب المفتوح 2023/08/23
...

قاسم موزان

 من الغريب أن يشرعن الفرد لنفسه الاستحواذ على ما ليس له، وكأن الاشياء التي يسقط نظره عليها مباحة ومتاحة، وله حق التصرف بها كيفما يشأ ويتوافق مع مزاجه الخاص، بالتناغم مع آخرين لهم التوجه المعيب ذاته، غير آبه بالأضرار التي يخلفها سلوكه من تشوهات لوجه المدن، مستغلا الصمت وغالبا يكتفي الرائي بالتحسر والأسى، لما آلت اليه من تغيرات سلبية في البنية المجتمعية، أثرت وتؤثر في جمالية الأمكنة، فهل يخطر في ذهن المرء أن تتحول الشوارع والأحياء السكنية الى محطات غسل وتشحيم وتبديل الدهون للمركبات الكبيرة والصغيرة.
هذه  الجزئية أخذت بالنمو والتكاثر والانشطار الأميبي على نطاق واسع، حتى باتت ظاهرة تهدد البيئة الواقعية، وتخلق مشكلاتٍ عديدةً، منها انسدادات مستمرة في شبكة الصرف الصحي جراء مخلفات الزيوت الثقيلة، فضلا عن ذلك كله أن العراق من شماله إلى جنوبه يعاني من شح في المياه وموجة جفاف قاسية تهدد الانسان والمزروعات، في الوقت الذي يجري تبذير مفرط في المياه النقية الصالحة للشرب، التي تكلف الدولة في تصفيتها وتنقيتها مبالغ طائلة لإيصالها البيوت، رغم ذلك فإن الاحياء على أطراف بغداد تواجه العطش، وغالبا ما تستعين الأسر بالسيارات الحوضية لشراء المياه، وهذا عبء آخر على الشرائح الفقيرة.
هذه “الفعاليات الاسترزاقية” أخذت تثير الغضب والاستياء الضمني لدى المواطنين، من اتساع رقعة هذه الظاهرة وغيرها من دون حلول ناجعة تحد من الاستغلال البشع لأرصفة الدولة، المخصصة أصلا للمرور السهل للمواطن، هذا التحدي لم يعد مسكوتا عنه، والمسؤولون على الأرجح  تغاضوا عنه لأسباب غير خافية على أحد، فعلى أمانة بغداد وبلديات المحافظات تطبيق الاجراءات الرادعة والملزمة، بعدم تكرار هذه الفعاليات غير الحضارية، حسب القانون وعدم التهاون، لا سيما أن هناك قرارا ذا الرقم
2/ 1/ 2008، دعت فيه أمانة بغداد دوائرها البلدية كافة إلى ضرورة رفع وإزالة جميع مواقع ومحطات غسل السيارات المتجاوزة على الشوارع والأرصفة والأملاك العامة بصورة فورية وبشكل نهائي، ومصادرة مضخات الماء المستخدمة لهذا الغرض، والقرار ما زال ساريا، إلا أنه غير مفعل البتة وما زال الضرر مستمرا في تبذير المياه؟
نأمل التغيير