غيداء البياتي
لا أزعم أن إلهام ابنة الجارة هناء صديقتي، فهي تصغرني عمرا وإن كان ذلك يشرفني، فالعلاقة بيننا قائمة على قدر كبير من الاحترام المتبادل، فهذه الفتاة الرشيقة، التي تضع خطوة متواضعة على طريق الشباب وخطوة واثقة على طريق النجاح طالبة في كلية الطب، طبيبة ماهرة دون صدرية بيضاء، وما لم اقترب بأذني من فمها يصعب أن أسمع صوتها، إلهام تجيد الهمس فهي تعمل بصمت، وتقرأ الكثير من الكتب العلمية والفلسفية والثقافية، تجيد تبادل أطراف الحديث تساعد الناس من حولها، فهي تزرق الأبر بالمجان لعلاج كل مريض من أبناء جارها، وكان لها دور فعال في خدمتهم بفترة انتشار وباء كورونا، تنصح فلانة وتعالج فلانا ببعض المهدئات، بعد أن تستشير أطباء ماهرين، لفتت انتباهي شخصيتها، التي اجتمعت لها مقومات عدة، فهي تعلن عن حيوية وحماسة وجدية في خدمة الناس قلَّ نظيرها مع اقتران ذلك في الوقت نفسه بروح عاشقة للحياة، هذه الفتاة، وبالرغم من أنوثتها ابتدعت صورا بطولية ما مرت على حافظتي من قبل، وهي الآن على أعتاب التخرج من كلية الطب/ جامعة بغداد، ولم أرها تتباهى وتفتخر وتسير بترنح وتمتدح نفسها يوما وجمالها الحقيقي ،على حد قول كل من رآها هي بساطتها ونجاحها الهادئ، فهي حقا تستحق الإعجاب والمديح، على العكس من تلك الإنسانة أو ذلك الإنسان «الفقاعة»، الذي لا يمتلك الثقة بالنفس، ولا الشجاعة، التي تؤهله لأن يكون عنصرا مفيدا في المجتمع، فهذا النوع من البشر يحاول أن يسد النقص بداخله، فيبحث عن الشهرة ونيل الإعجاب، من خلال مدح نفسه أمام الآخرين واستعراض كل ما يقوم به من أعمال أو أفعال أو إنجاز يدعي أنه يقوم به، ويكون المدح مبالغا فيه، فهو يكثر من قول «أنا»، هذا النوع من البشر ينكشف سريعا بمجرد حدوث موقف، يختبر من خلاله صدق ما يدعي، فنجد أن مدحه لنفسه مجرد كذب ولا وجود له، فقط قام بمدح ذاته ليلفت إليه الانتباه، وهذا ما يطلق عليه الإنسان «الفقاعة» وتعني اصطلاحا «كرة مملوءة بالهواء مكونة من غشاء سائل رقيق تتطاير في الهواء وبمجرد اصطدامها بشيء تنفقع وتختفي».
بصراحة أن المادحين لنفسهم غالبا ما يعرضونها للسخرية، فتجد كلَّ من حولهم يتهامسون بشيء يبعث للضحك على ما يقولون ويدعون فعله، وهذا إنْ دلَّ على شيء، فهو يدل على أن المادح لنفسه يمتلك عيوبا، ويحاول أن يغطي عليها بذكر صفات تظهره على عكس ما هو موجود فيه.