القطاع الخاص والدور المرتقب

اقتصادية 2023/08/28
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي



في الأفق البعيد، يظهر ضوء لمركبة تسير ببطء، لأنها تنوء بالكثير من الأحمال، التي تجعل من حركتها بطئية، فضلاً عن المطبَّات الكثيرة التي تملأ ذلك الطريق، وعندما تقترب تلك المركبة، بعد انتظار ممل لوصولها، يتبين أنها مركبة القطاع الخاص العراقي، هذا القطاع الذي نطالبه بالكثير، من دون أن نعطيه شيئا. فعلى مدى عشرين عاماً كان الحديث عن القطاع الخاص، يتصدر المجالس التي تعنى بالملفات الاقتصادية، وأصبح هذا القطاع مثل السمك (مأكول مذموم).فعلى الرغم، من أن الجميع يتحدثون عن ضرورة أن يحظى القطاع الخاص، بالمساحة التي ينبغي أن يملأها على اعتبار أننا نتحدث عن اقتصاد حر، من دون قيود، ولكن يبدو جلياً، أن العقلية الاشتراكية، مازالت تهيمن على الكثير من العقول المتحكِّمة بالقرار،ولعل واحداً من الإشكالات التي سببها الدستور للقطاع الخاص هو عدم تحديده هوية واضحة للاقتصاد العراقي، فهو لم يوضح فيما إذا كان هذا الاقتصاد اشتراكياً، أم حراً، أم مختلطاً.لذلك فإن وضعاً مثل هذا أربك الاقتصاد، وأدى إلى المزيد من التهالك لقطاعات التنمية المختلفة. وهذا الأمر أتاح للقطاع العام المزيد من الهيمنة على المشهد التنموي برمته، (يخطط وينفذ) فكان ذلك سبباً في نمو قطاع خاص طفيلي غير قادر على المشاركة الحقيقية في التنمية، كما تسبب هذا الأمر في نمو الفساد بنحو ضرب الكثير من المفاصل العامة.وفي ظل هذا المشهد الشائك والمعقد، خطت  الحكومة العديد من الخطوات المهمة باتجاه احتضان ودعم وتطوير القطاع الخاص، بدأتها بإطلاق ستراتيجية لتطوير هذا القطاع، بثلاث مراحل، هي التهيئة، والتمكين، ثم منحه القيادة والريادة للاقتصاد والتنمية، تلا ذلك الإعلان عن تشكيل مجلس خاص لتطوير القطاع الخاص، كانت البداية أن يعمل المجلس بنحو مؤقت، ثم يتحول إلى مجلس دائم يضم ممثلين عن جميع الفعاليات الاقتصادية والتجارية المنضوية تحت لواء القطاع الخاص، ولكن يبدو واضحاً أن خطوة مهمة أخرى اتخذتها الحكومة، وهي الإعلان عن إنشاء خمس مدن سكنية عملاقة كوجبة أولى ضمن مشروع كبير يضم نحو 15 مدينة  في عموم المحافظات، وسيضطلع القطاع الخاص بتنفيذ هذه المشاريع من الألف إلى الياء، وهي بتقديري ، تمثل فرصة كبيرة وعلى قدر كبير من الأهمية، يحصل عليها القطاع لإثبات وجوده، وتغيير الصورة النمطية عنه،  وأن تمثل هذه الفرصة بداية حقيقية، لمفاصل القطاع الخاص، التي عانت من التكلُّس لسنوات طويلة، وفي المقدمة منها القطاع المصرفي، الذي سيكون له شأن عظيم في تمويل المشاريع التنموية، وهي فرصة جيدة للمصارف لأن تتحول من الجانب الاستهلاكي غير المنتج تنموياً إلى الجانب الاستثماري، الأمر الذي يُسهم في تقوية كفاءتها المالية، ويعزز من فرصها الحقيقية، وهذا ينسحب  أيضاً على باقي الفعاليات الاقتصادية.