دانيال لولر/ ايزابيل تورن
ترجمة: شيماء ميران
أثارت موجات الحر الشديدة التي تجاوزت الأرقام القياسية في جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي جملة مخاوف من خطورتها على صحة الناس، وبالأخص الاطفال وكبار السن.
يمكن أن يتعرض جسم الإنسان عند استمرار مثل هذه الموجات الحارة، التي يرى الخبراء إنها أصبحت شائعة بسبب تغير المناخ ومسؤولية الإنسان عنها، إلى ضغط شديد ما يؤدي أحيانا إلى الاصابة بالجفاف وضربة الشمس وحتى الموت.
وكشفت الأبحاث أن 61 ألف شخص ماتوا في أوروبا الصيف الماضي بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ويعد العام الحالي هو الأشد حرارةً. فعند ارتفاع درجات الحرارة، يقاوم جسم الإنسان من أجل الحفاظ على درجة حرارته الطبيعية عند 37 درجة مئوية وبعدة وظائف، فيرفع القلب من وتيرة نبضاته، ويفرز العرق لتبريد سطح الجلد الذي يعد خط الدفاعي الأول للجسم ضد ارتفاع درجة الحرارة، كما تتمدد الأوعية الدموية تحت الجلد للتخلص من الحرارة المرتفعة. لكن في حال تغلبت الحرارة المرتفعة على الوظائف المنظمة لدرجة حرارة الجسم، فقد تتسبب بأعراض كثيرة مثل التعب والصداع والحمى واضطراب النوم والجفاف، الذي يحدث حين يفقد الجسم كميات من السوائل أكثر مما يحصل عليه.
تعد ضربة الشمس من أخطر الأمراض المرتبطة بالحرارة، والتي تحدث عندما لا يتمكن جسم الإنسان من ايقاف ارتفاع درجة حرارته بعد 40 درجة مئوية. وقد حذرت المنظمة العالمية للارصاد الجوية (WMO) من خطورة ارتفاع درجات الحرارة الصغرى على نحو متكرر بين ليلة وضحاها وبالأخص على صحة الإنسان، لأن الجسم لا يحصل على فرصته للتعافي. ووفقًا للمنظمة ، فإن هكذا ارتفاع في درجات الحرارة الصغرى، والذي عانت منه أجزاء من اميركا واوروبا والصين مؤخرا، قد يؤدي إلى الاصابة بنوبات قلبية واحيانا الوفاة. وبينما يتركز جُلّ الاهتمام على درجات الحرارة العظمى اثناء النهار، لكن درجات الحرارة ليلا هي التي تنطوي على المخاطر الصحية الاكبر، خاصة بالنسبة للفئات الضعيفة من السكان".
مخاطر متعددة
قد تصيب الرطوبة أثناء موجات الحرارة جسم الإنسان بالتعب. فالتعرق يساعد على تبريد الجسم عن طريق تبخر العرق من الجلد، لكن اذا كانت الرطوبة مرتفعة جدا في الجو فلا يمكن للعرق أن يتبخر.
يقاس مزيج الحرارة والرطوبة بمقياس يعرف بدرجة حرارة "البصيلة الرطبة". ويحذر الباحثون من أن درجة حرارة البصلة الرطبة عند 35 درجة مئوية يمكنها أن تقتل شابا بالغا معافى في غضون ست ساعات.
ورغم أنه تم الوصول إلى عتبة بقاء الإنسان هذه بضع مرات فقط، لكن الخبراء يحذرون من زيادة عدد الحالات مع ارتفاع درجات حرارة الأرض.
إن أكثر الفئات ضعفا اثناء موجات ارتفاع درجات الحرارة هم كبار السن الذين يعانون من مشكلات صحية، والأطفال بالخصوص من هم أقل من عمر خمس سنوات. فعندما يتقدم الإنسان بالعمر، تقل الغدد العرقية في الجسم، ما يجعل كبار السن أقل قدرة على التحكم في درجة حرارة اجسامهم. وتعمل الغدد العرقية ليل نهار خلال موجات الحر، وبعد بضعة أيام، تُنهك الغدد العرقية فتبدأ تنتج العرق بكميات أقل، ما يرفع درجة حرارة الجسم الاساسية. ووفق تقديرات دراسة اُجريت مؤخرا، فإن معظم الذين لقوا حتفهم الصيف الماضي بسبب ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا، والذين كان يقدر عددهم 62 ألف شخصا تقريبا، هم من الذين تجاوزت أعمارهم الثمانين عاماً.
ان الأماكن التي يعيش فيها الناس وما يفعلونه قد يجعلهم أكثر عرضة للخطر أثناء موجات الحر. فالحياة في المدن خاصة المكتظة بالسكان، والمنازل غير المعزولة عن الحرارة بنحو جيد، تزيد من فرصة تعرض الناس إلى الحرارة الشديدة. كما أن عمال البناء يكونون في خطر متزايد بسبب عملهم في الخارج. أما الذين يمارسون الرياضة فيتضاعف الخطر عليهم لأن ممارسة الرياضة ترفع درجة حرارة الجسم أيضا. كما يمكن لبعض الأدوية أن تزيد من المشكلات الصحّية أثناء موجات ارتفاع درجات الحرارة، مثل مدررات البول التي تقلل بدورها كمية الماء في الجسم. لذا يجب شرب كميات كبيرة من الماء خلال التعرض لموجات الحر الشديد ومحاولة ابقاء الجسم باردا قدر المستطاع.
اثناء الموجات الحارة، تُصدر السلطات الصحية عدة نصائح منها تجنب الخروج كثيرا اثناء النهار كونها الفترات الاشد حرارة، والبقاء في مكان بارد بضع ساعات إن أمكن، فضلا عن تجنب القيام بمجهود بدني أو شرب الكحول.
عن اليابان تايمز