المشعوذون والسحرة.. تجار التخلف الاجتماعي

منصة 2023/09/11
...

 بغداد: نوارة محمد
يزداد بتصاعد اللجوء إلى العرافين والدجالين من الرجال والنساء بدافع الشفاء من الامراض والتخلص من المعاناة النفسية وفك السحر، وادى تسطح الوعي واستثمار السحرة والمشعوذين لموجة التكنولوجيا إلى انتشار هذه الظاهرة حتى بتنا نرى صفحات مليونية لهذه العرافة أو تلك المنجمة.
وفي الوقت الذي لاتزال فيه النظرة السائدة على المصحات النفسية وعيادات الاطباء النفسيين تخضع  إلى الكثير من المقاييس التي  ترتبط بمعايير متوارثة تصنف الأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية خارجين عن المجتمع او (مجانين) نرى العديد من هؤلاء يؤمنون بالحلول الغيبية ويظنون انفسهم تحت سيطرة قوى غيبية ويحاولون اللجوء إلى العرافين للبحث عن حلول ما.
يقول اخصائي الطب النفسي الدكتور حميد يونس "لاتزال النظرة إلى المرضى النفسيين دونية لأنها تحمل وصمة عار، إذا ما قورنت بالأمراض الجسدية. ولايزال المجتمع يصنف هؤلاء بدائرة الجنون. هذه الثقافة العامة السائدة تجنب زيارة الطبيب النفسي" ويضيف "بعض المراجعين يقومون بتزويد الطبيب ببيانات وهمية في محاولة منهم عدم الخضوع للعلاج الطبي." وإشارة إلى أن "الأمراض النفسية يجب أن تتغيّر تسميتها إلى الأمراض الدماغية، فهي في الأساس مرض في الدماغ يتعلق بكيمياء الدماغ والنواقل العصبية، كما أن تغيير كلمة نفسية يُخفّف من وطأتها على
الإنسان".
العراق ومنذ عام 2003 يفتقد إلى إحصائيات رسمية دقيقة لعدد الأشخاص الذين يعانون الأزمات النفسية  إذ يرى الدكتور حميد يونس أن "لا أحد يسعى للنهوض بواقع الطبّ النفسي الذي يحتاج إلى ثورة مؤسساتية وليست فردانية لخلق جيل جديد ومهني من الباحثين الاجتماعيين والمعالجين النفسيين، فضلاً عن أطباء يملكون المهارات والأدوات التي تجمع بين العلاج التحليلي والعلاج الجماعي والعلاج المعرفي السلوكي في آن واحد، وذلك ما عجزنا عن تحقيقه حتى الآن. نحن بحاجة لجيل واعٍ غير مؤمن بالسحر والسحرة واللجوء إلى العلاج بالأعشاب الطبيعية."
وبهذا الصدد يقول الباحث والكاتب عبد الهادي مهودر "هذه واحدة من الظواهر القديمة التي اعتاد الناس على الخوض بها منذ آلاف السنين  تنتمي إلى زمن يعتقد فيه الإنسان بأن قوانين السحر هي التي تتحكم بالطبيعة وأن هناك قوى لها القدرة على تغيير الواقع، كالجن والمس ومن يشعر بأمر ما عليه مراجعة هذا العّراف او تلك الحاجة، ولجوء الناس وايمانهم بالخرافات لا يقتصر على شعب دون آخر ولا على الجهلة دون المتعلمين ولا على عامة الناس دون الملوك والقادة والزعماء. الدوافع تكاد أن تكون واحدة لدى العراقيين وغيرهم من شعوب العالم."
ميسون فاضل تقول لـ"الصباح" انها لجأت إلى العرافين والسحرة لعلاج ابنها الذي كان يعاني من خلل دماغي قبل أن تذهب إلى الطب والعلاج الكيميائي. وتضيف" انفقت اموالا طائلة على ابني بسبب اعتقادات اجتماعية وتدخلات الاخرين الذين اوهموني بأنّ ابني يعاني من تلبس جني ولكن الامر لم يكن كذلك وفي لحظة صحو وإرادة قوية قررت اللجوء للطب وسافرت به إلى أماكن عدة إلى ان صارت صحة ابني على افضل ما يكون. وقالت" على الحكومة إدارة صفحات الذين يروجون للشعوذة ضمن المحتوى غير اللائق وهذا
يتطلب وقفة وقبضة من حديد كي لا يقع المواطن ضحية لهؤلاء.