التشكيلي بـكـر محمـد: الجدار أولى لوحاتي الفنيَّة

منصة 2023/09/11
...

 حاوره: كاظـم بهـيَّــة

 امتازت تجربة الفنان التشكيلي الشاب بكر محمد، بإجادته في رسم البورتريت في مجال الصور الشخصية، وبالوقت نفسه، فهو شغوف جدا برسم سحر الطبيعة بأشجارها وأزهارها ومياهها، وهذا جاء ليس من فراغ، بل لكونه نشأ في بيت فني، فأخوه الكبير فنان وعائلته لم تكن في معزل عن الفن، درس الفن التشكيلي أكاديمياً في  معهد الفنون الجميلة، حصل على شهادة الماجستير من كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد عام 2021 عن رسالته الموسومة (المتحول المفاهيمي والتقني في رسوم جماعية البعد الواحد ـ دراسة تحليلية).
 شارك في العديد من المعارض التشكيلية، التي اقيمت في معهد وكلية الفنون الجميلة، فضلاً عن معارض جمعية الفنانين التشكيليين، كما له مشاركات خارجية عديدة في مصر، وتونس وعمان ودول الخليج، وحاصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية، يعمل حالياً أستاذا للفنون في مدارس وزارة التربية.
يقول: أرسم منذ الطفولة، وكأن هنالك سيناريو إلهيا قادني واختارني وأنا اخترته، ثمة أشياء متأصلة في الإنسان الموهوب. لا يمكن إغفالها أو ترويضها. الفن ليس مكتسب الشخصية أنا أؤمن أنها تولد مع الإنسان، لكن هنالك ظروفا وعوامل تساعد أو تحبط، كما ذكرت تحتاج لإرادة كبيرة، ففي الابتدائية  كنت رسام المدرسة. ورافقني هذا اللقب، فكنت فخوراً به جداً. ولا أنسى دور معلمي الفنية، فقد كانوا يحتفون بي جداً، كذلك دور الوالدة داعم جدا لي، فكانت لوحة الجدار أولى لوحاتي الفنية، التي ملأت أسيجة المدرسة والبيوت، وأنا أشخبط وأرسم عليها. وهذا الهوس والواهس بالوقت نفسه اشياء قد تأصلت فيَّ.
موضحا، أسلوبي واقعي بصرف النظر عن بعض التجارب هنا وهناك، لكن تبقى الواقعية طاغية، ولست مستوفيا، بل ومتعطش للمزيد وللخوض فيها أكثر، أحرص في أعمالي على أن أمسك الشبة مع الحرية اللونية (المسيطر عليها)، لذلك تجد في أعمالي الكلاسيك والاكاديمي، هنالك شيء من الانطباعية أيضا. والمعلوم الانسان رهينة اللحظة، وما ينتج عنها من انفعالات وملاحظات آنية واجتهادات، حيث لا يمكن بالنسبة لي أي لوحة رسمتها ولا أستطيع إعادتها مرتين، لأنها محملة بضواغط وعوامل كثيرة منها نفسية وسيسيولوجيا وغيرها.
 اما عن فلسفة الرسم لديه فيبين: بكل بساطة تحقيق المتعة، دائما أقول أنت أيها الإنسان عليك بالفعل ولست مسؤولًا عن ردة الفعل، ما دمت قد حققت شيئا من المتعة فذلك
المبتغى.
مضيفا اللوحة ومضمونها قد آرقني كثيراً ولست أنا فحسب بل أغلب الفنانين، فإذ تعني الطبيعة عندما ترسمها؟ سوى أنها طبيعة، وماذا يعني البورتريت وغيره، وهنا لا ينبغي للفنان أن يجيب ويبرر هذا يترك للناقد أو النخبة، هم من يلحظون مكامن القوة والضعف، وماذا تبث اللوحة من خطاب وماذا تقصد، كل ما كان الفنان صامتا يغتني بالتأويل والتفسير من الآخرين.
مشيرا إلى أن الإسلوب، الذي يعتمده في رسم البورتريت هو الواقعي بعنوانه العريض، لكن مع بعض المشاكسات وإفرازات اللحظة ورواسب المخيلة، لذلك ممكن أن تجد مدرستين بعملٍ واحد.
 وعن توجه الفنانين التشكيليين الشباب الى المدارس الحديثة يبدي رأيه: تلك المدارس يجب أن تكون عصارة جهد جبار قد أنتجت سلفاً، لا يمكن القفز على مرحلة الأكاديمية، وإلا سيكون النتاج ساذجا غير مدروس.
 وبخصوص عزوف الناس عن الحضور، خصوصا المثقفين منهم عن الحضور لصالات العرض الفنية علل ذلك بأسباب كثيرة، ولفت بعضها أو أهمها وهي ثقافة (الكروبات)، للأسف الذي  نشطت في الآونة الأخيرة، وعرفت بها الطبقة المثقفة العراقية، منها أيضاً ضعف الإعلام والإعلان معاً، ناهيك عن الضاغط الاقتصادي، إذ أنك تعرض لوحة وبالكاد تباع بسعر زهيد والقائمة تطول هذا موضوع شائك جدا
ومعقد.
 يذكر بكر تأثره ببعض المدراس أكثر من اسماء معينة منها مثلا المدرسة الإيرانية، الروسية، والأوروبية وهكذا.
   وعن اللون الذي يرافقه بأعماله يؤكد أحب اللون البنفسجي بتدرجاته ودرجاته الحارة والباردة. السبب نفسي قبل كل شيء، بصرف النظر عن  الدور الذي يلعبه في العمل، أنا أسميه دائما المخلص.
ويختتم بكر محمد بالإشارة إلى مشاريعه المقبلة، منها إقامة معرض شخصي، وإكمال دراسة الدكتوراه، والانتقال إلى أحجام كبيرة جدارية بدل اللوحات الصغيرة نسبياً، والأهم من كل هذا القراءة، فهو يجد من الضرورة أن يكون الفنان مثقفا، لأن الصورة بالتالي ذهنية اليد وسيلة للتوصيل.