ما هو تأثير الأرقام السلبية على حياتنا ووضعنا النفسي؟ سأعطي الجواب من خلال مجموعة أرقام عن مظاهر سلبية في بلدانٍ عدّة. على سبيل المثال بلغت الخسائر البشرية لحوادث السير في إيران، ضعف ضحايا الحرب العراقية الإيرانية خلال سنة عندما وصلت إلى (25) ألف إنسان يخسرون حياتهم سنوياً. كما سجّلت الصحافة الإيرانية ازدياد إنتاج المشروبات الكحولية محلياً، وإن سعر الكيلو الواحد من البصل سجّل رقماً قياسياً، هو (15) ألف توماناً إيرانياً!
إذا تركنا إيران إلى جارٍ آخر لنا هو السعودية، فقد أفاد تقرير لمجلس الشورى السعودي خلال السنوات الأخيرة، أن (62%) من السعوديين لا يملكون منازل، وأن ربع السعوديين مصابون بضغط الدم، وأن (39%) من طلاب السعودية مدخنون، 27% من بينهم بدأوا التدخين في المرحلة الابتدائية!
عندما ننتقل إلى الأردن فقد أخذتُ من مذكرتي أن (34%) من الأردنيين مصابون بفقر الدم، ومن الأردن إلى القاهرة، التي رصدت انتشار (53) ألف شائعة بين المصريين خلال أربعة أشهر فقط!
بشأن مثبطات المعرفة تفيد بعض الأرقام، أن العربي لا يقرأ سوى ربع صفحة سنوياً، مقابل الأميركي الذي يقرأ (11) كتاباً، والبريطاني الذي تبلغ حصته (7) كتب سنوياً!
إذا ما تركنا منطقتنا إلى الأفق الإنساني العام، فإن الأرقام تسجّل موت (17) مليون إنسان بأعراض القلب سنوياً، وفي اليوم العالمي للمياه، تقول الأرقام أن ثلث سكان العالم محرومون من المياه النقية، وأن الثلثين الآخرين لا يسلمان من التلوث المائي.
ننتقل إلى أميركا ونبقى في تخوم نيويورك وحدها، حيث تسجّل الأرقام، وجود (3) مليون تحت خطّ الفقر، منهم (2) مليون يعانون أزمة طعام، وأن (50%) من العاملات دون رجل، وأن (65%) ليس لديهم ضمان صحي، ونسبة البطالة في المدينة تصل إلى (9%)! إذا لجأ العراقي إلى طبّ الأعشاب، يوصم بالتخلّف وربما بالخرافة، في المقابل توجد في أميركا (900) شركة تمارس «شعوذة» الطبّ البديل، وتحقق ما قيمته (18) مليارا أرباحاً!
هذه حصيلة عودة خفيفة عجلى إلى مذكرتي الخاصة، التي أخزن فيها أرقاما وإحصاءات ومعلومات وأفكارا لوقت الحاجة، اخترتُ منها هذه الأرقام، وكلّها عندي موثّقة من مصادرها الأصلية، وبمقدوري (كما أيّ أحدٍ منا) أن يلتقط المزيد من هذه الأرقام السلبية، عن البلدان من حولنا، بل في العالم برمته، لكن المهمّ الدلالة.
من المؤكد أن هذه الأرقام تبعث بانطباع سلبي عن إيران والسعودية والأردن ومصر وأميركا، لكن حركة الحياة تبقى مستمرّة في تلك البلدان، وهي أقوى من تلك الأرقام، وهكذا الحال بالنسبة للعراق. البعض في الفضائيات وبقية وسائل الإعلام والتواصل، مولع حدّ الافتتان بحشد الأرقام السلبية عن بلده العراق، ليعطي إيحاءً خاطئاً بخراب كلّ شيء ودماره، والحال أن لا بلد في العالم يسلم من هذه الأرقام، التي تعكس بُعداً سلبياً ينبغي علاجه، بيدَ أنّه لا يملأ المشهد، لأن حركة الحياة أقوى وأمضى، وكلّ شهر رمضان أنتم بخير!