دور الادعاء العام في مكافحة الفســــــــــــــــــــاد
العراق
2019/05/06
+A
-A
القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
من المقومات الأساسية في دعم وتطبيق القانون واحترام المشروعية و حماية النظام العام و السهر على احترام سيادة القانون هو وجود جهاز يراقب المشروعية وحماية الهيئة الاجتماعية و تحقيق العدالة بإسهامه مع القضاء في احترام تطبيق القانون إلا و هو (جهاز الادعاء العام) الذي يعتبر الجناح الثاني من أجنحة العدالة و يساهم في حماية العدالة و أمنها، و يعتبر جهاز الادعاء العام وفقا لاحكام المادة (89) من الدستور العراقي النافذ لعام 2005 احد مكونات السلطة القضائية حيث تتكون السلطة القضائية من مجلس القضاء الأعلى و المحكمة الاتحادية العليا و محكمة التمييز الاتحادية و جهاز الادعاء العام و هيئة الإشراف القضائي و المحاكم الأخرى و هي محاكم الاستئناف الاتحادية و يتنوع عمل الادعاء العام بين الأداء القضائي و الرقابي ودعم النظام الديمقراطي و الحماية المباشرة للمال العام و يذلك يكون الممثل والحامي للدستور والنظام العام و يتحقق ذلك عبر الدور الفاعل في حضور التحقيق و المحاكمة والطعن بالقرارات و الإحكام ولم يعد دور الادعاء العام مقتصرا على الحضور في المحاكم الجزائية التحقيق والجنح و الجنايات بل ان دور الادعاء العام في الحضور الوجوبي في الدعاوى المدنية التي يوجد فيها الحق العام و الحضور في اللجان والهيئات والمجلس والحضور في محاكم الأحوال الشخصية لحماية الأسرة والطفولة وحماية المجتمع وكذلك أصبح من اختصاص الادعاء العام الطعن بدستورية القوانين والتعليمات إمام المحكمة الاتحادية العليا والعمل على سرعة حسم الدعاوى وتقييم التشريعات النافذة والكشف السريع عن الأفعال الجرمية و التصدي لانتهاك القانون عبر (الطعن لمصلحة القانون) وتنفيذ الإحكام القضائية و للتغييرات التي حصلت بعد صدور قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 الملغي و لغرض مواكبة هذه المتغيرات والتوافق مع التشريعات الجديدة و لضمان حسن الأداء في مكونات السلطة القضائية فقد تم تشريع قانون جديد للادعاء العام المرقم (49) لسنة 2017 و نشر في الجريدة الرسمية العراقية (الوقائع العراقية) بالعدد 4437 في 6/3/2017 و قد نصت المادة (5) من قانون الادعاء العام على مهام الادعاء العام و من هذه المهام إقامة الدعوى بالحق العام و قضايا الفساد المالي و الإداري ومتابعتها استنادا لاحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية رم (23) لسنة 1971 المعدل وان حضور الادعاء العام عند التحقيق في جناية أو جنحة من الضمانات القانونية التي وضعها المشرع العراقي للمتهم حيث يقوم الادعاء العام بمراقبة المشروعية و تقديم طلباته القانونية و الحضور في جلسات المحاكمة عدا محكمة التمييز الاتحادية وممارسة طرق الطعن في الإحكام وفقا للقانون و قد نصت الفقرة (ثاني عشر ) من المادة (5) من قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017 على ان يتولى الادعاء العام التحقيق في جرائم الفساد المالي و الإداري و كافة الجرائم المخلة ب واجبات الوظيفة العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل طبقا لاحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل و القوانين الجزائية المكملة له على ان تحال الدعوى خلال (24) اربع وعشرون ساعة إلى قاضي التحقيق المختص من تاريخ توقيف المتهم و الأصل ان من يقوم بالتحقيق في قضايا الفساد الإداري و المالي هو قاضي التحقيق أو المحقق تحت إشراف قاضي التحقيق إلا ان المشرع العراقي وجد من الضروري ان يقوم بإناطة التحقيق في قضايا الفساد الإداري والمالي وهي الجرائم المنصوص عليها في قانون هيئة النزاهة رقم (30 ) لسنة 2011 والجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 المعدل و هي جرائم الرشوة والاختلاس وجرائم استغلال النفوذ الوظيفي و الإهمال الوظيفي وان المشرع العراقي أعطى سلطة قاضي التحقيق لعضو الادعاء العام في هذه القضايا من حيث اتخاذ الإجراءات القانونية من تدوين أقوال الممثل القانوني ومحاضر الضبط وإصدار أمر القبض على المتهم وبعد توقيف المتهم يجب إحالة الأوراق التحقيقية إلى قاضي التحقيق المختص خلال مدة أربع وعشرين ساعة من تاريخ توقيف المتهم و قد أراد المشرع العراقي ان يعطي للادعاء العام دورا اكبر في الحفاظ على المال العام و أموال الدولة إلا ان تحديد مدة أربع و عشرين ساعة كحد اعلى للتوقيف لا يتناسب مع حجم التحقيق في قضايا الفساد الإداري و المالي التي تحتاج فترة أطول ربما تصل إلى عدة أشهر و ربما سنوات و قد نصت الفقرة (ثالث عشر) من المادة (5) من قانون الادعاء العام بان تستحدث دائرة في رئاسة الادعاء العام تسمى دائرة المدعي العام الإداري و المالي و قضايا المال العام يديرها مدعي عام لا تقل خدمته عن (15) سنة تتولى الإشراف على مكاتب الادعاء العام المالي و الإداري في دوائر الدولة كما نصت الفقرة (رابع عشر) من المادة (5 ) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 بان يؤسس مكتب للادعاء العام المالي و الإداري يرأسه مدعي عام لا تقل خدمته عن (10) عشر سنوات في الوزارات والهيئات المستقلة يمارس اختصاصاته وفقا للقانون وتلتزم الجهات القائمة بالتحقيق اخبار الادعاء العام بالجنايات و الجنح فور العلم بها و على دوائر الدولة إخباره في الحال بحدوث أية جناية أو جنحة تتعلق بالحق العام وقد اعتبرت المحكمة الاتحادية العليا في قرار لها بان استحداث دوائر للمدعي العام المالي و الإداري لا يتناقض مع عمل المفتش العام و ان تعارض النص القانوني مع نص قانوني اخر لا يجعل منه مخالفا للدستور سيما وان النص المطعون فيه هو نص لاحق زمانا وهو المعول عليه وان النصين بنفس القوة وصادر من مجلس النواب حسب صلاحياته التشريعية و ان للادعاء العام صلاحية التحقيق في قضايا الفساد الإداري والمالي وفقا لاحكام قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017و لا تتعارض مع أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة في العراق رقم 57 لسنة 2004و الخاص بعمل المفتش العام و قد اعد مجلس النواب العراقي مسودة قانون إلغاء مكاتب المفتشين العموميين الذي نص بان تلغى بموجب احكام هذا القانون مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات و الهيئات و المؤسسات كافة و تؤول موجودات مكاتب المفتشين العموميين بما فيها السجلات والبيانات كافة إلى دائرة المدعي العام المالي و الإداري المنصوص عليها في قانون الادعاء العام ويعاد المفتشين العموميين كافة إلى دوائرهم و مناصبهم السابقة ويلغى أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم (57) لسنة 2004 و تعديله الأمر رقم 19 لسنة 2005 وقد نصت الأسباب المؤجبه لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين لصدور قانون الادعاء العام واستحداث دائرة المدعي العام الإداري و المالي وقضايا المال العام في رئاسة الادعاء العام وتأسيس مكاتب لها في الوزارات و الهيئات المستقلة و بغية الترشيق في الهيكلية الحكومية ومنع الازدواجية في المهام فقد شرع هذا القانون وقد صوت مجلس النواب على إلغاء مكاتب المفتشين العموميين من حيث المبدأ وتفعيل دور الادعاء العام و ان الادعاء العام يساهم مساهمة كبيرة في مكافحة الفساد الإداري و المالي من خلال مراقبة التحريات عن جرائم الفساد الإداري و المالي واتخاذ كل ما من شأنه التوصل إلى كشف معالم الجريمة.