ماءُ الرصافة الكبير.. يغذي بغداد ويسدُّ احتياجها المستقبلي

ريبورتاج 2023/09/17
...

  عامر جليل إبراهيم  

  تصوير: نهاد العزاوي

 يحتوي المشروع على أحدثِ مختبرٍ للفحص بالطرق الفيزياويَّة والكيمياويَّة والبايولوجيَّة

 


 يعمل المشروع على مدار اليوم من دون توقفٍ.. والصيانة مستمرة على عدد أيام الأسبوع



المشروع يغطي في مرحلته الثانية مدينة بغداد بالكامل من دون نقصٍ وشحٍ في الماء 



التجاوزات على شبكة المياه الوطنيَّة تلحق أضراراً كبيرة بها وتؤدي الى تلوث مياهها  

يعدُّ مشروع ماء الرصافة العملاق واحداً من المشاريع الاستراتيجيَّة والأكبر في الشرق الأوسط، دخل المشروع الى الخدمة في العام 2016 على مساحة 450 دونماً في منطقة السريدات/ الفحامة، وتبلغ طاقته الإنتاجيَّة للمرحلة الأولى 40،000 م3 في الساعة و910،000 م3 في اليوم، واستخدمت في أعماله التقنيات العالميَّة الحديثة من المناشئ الأوروبيَّة التي شملت الأنابيب والمضخات والفلاتر والمرشحات وبأحدث مختبر فحصٍ وتتوفر فيه جميع الأجهزة والمعدات المختبريَّة المتطورة للفحص خلال 24 ساعة وبطرقِ فحصٍ فيزياويَّة وكيمياويَّة وبايولوجيَّة وفق المواصفات العالميَّة لمياه الشرب وبملاكٍ متخصصٍ بالفحوصات المختبريَّة على أمل أنْ يمتعَ المواطن البغدادي بجانبي الكرخ والرصافة بـ 400 مترٍ مكعبٍ من الماء الصافي يومياً، وهذه خطوة متقدمة في تاريخ الخدمات المقدمة للمواطنين كمَّاً ونوعاً.

جريدة (الصباح) زارت موقع المشروع والتقت مسؤول التشغيل المهندس جلال علوان الذي رافقنا في تجوالنا في المشروع قائلاً: "نفذ تصميم المشروع من قبل شركة ويكروفست الفرنسيَّة، ونفذ من قبل شركتي المبروك والعصام العراقيتين، دخل الى الخدمة في العام 2016 على مساحة 450 دونماً في منطقة السريدات/ الفحامة، وتبلغ طاقة المشروع الإنتاجيَّة للمرحلة الأولى 40،000 م3 في الساعة و910،000 م3 في اليوم، ومن المؤمل إنشاء المرحلة الثانية من المشروع وبطاقة تصل الى 100،000م3 في الساعة لمعالجة شح الماء في مدينة بغداد بعد التوسع الحاصل في العاصمة واستحداث المدن والزيادة العدديَّة للسكان، وننتظر تنفيذ المرحلة الثانية للمشروع الذي أدرِجَ ضمن موازنة 2023، لتصبح طاقته الإنتاجيَّة الكليَّة 2،275،000م3 في اليوم، أي ما يعادل مرَّة ونصفاً من إنتاج المرحلة الأولى التي نعملُ فيها منذ العام 2016 الى يومنا هذا".


أكبر المشاريع

ويؤكد المهندس جلال علوان أنَّ "هذا المشروع الذي يقع شمالي العاصمة بغداد على الجانب الشرقي من نهر دجلة يعدُّ من أكبر مشاريع المياه في العراق والذي يغذي الشبكة الوطنيَّة ويمرُّ بعدة مراحل سوف نذكرها بالتتابع مرحلة بعد أخرى:

1ـ محطة الماء الخام: تقع على نهر دجلة قرب الجزيرة السياحيَّة على بعد (5) كيلومترات، وتتكون من (6) مضخات عملاقة طاقة المضخة الواحدة منها 10،000م3 في الساعة، تضخ الماء الخام من النهر الى مراحل تصفية المشروع.

2ـ مرحلة التعقيم بالأوزون: وهي المرحلة الأولى من مراحل التصفية ويتمُّ توليد وإضافة غاز الأوزون للتعقيم الابتدائي للماء الخام وفق النسب المحددة، وتعدُّ هذه الطريقة من أحدث طرق التعقيم في مشاريع الماء.

3ـ مرحلة الترسيب: هذه المرحلة تتكون من (16) حوض ترسيب يتمُّ فيها ترسيب الأطيان من الماء الخام، وتتمُّ مرحلة الترسيب الأولي بإضافة المواد الكيمياويَّة كالشب وكبريتات الأمونيوم للمساعدة في الإسراع بعمليَّة الترسيب، ويحتوي الحوض فيها على جسرٍ متحركٍ لكسح الأطيان يعمل 24 ساعة من دون توقف.

4 ـ مرحلة الترشيح: وتتكون من (28) فلتراً أرضياً لغرض الترشيح وتخليص الماء من الرقائق الصغيرة، وهذه المرحلة تعدُّ من المراحل المهمَّة في عمليَّة التصفية.

5 - مرحلة الخزن: يتمُّ فيها خزن الماء في خزانات أرضيَّة سعة 180،000 م3، إذ تتمُّ إضافة ماء الكلور على شكل غازٍ للتعقيم النهائي للماء الصافي وبالنسب المحددة وفق المواصفات العالميَّة.

6 ـ مرحلة الضخ النهائي: وتتكون هذه المرحلة من محطة تحتوي على تسع مضخات عملاقة طاقة الواحدة منها 9200م3 في الساعة، تضخ الماء الى الخزانات الخارجيَّة ليتمّ ضخها للشبكة الوطنيَّة، ومن ثم يبدأ التوزيع الى المناطق المشمولة من مدينة بغداد بهذا المشروع".


المحطات الساندة

وعن المحطات الساندة حدثنا المهندس مرتضى سعدون مسؤول الميكانيك بالقول:

المحطة الكيمياويَّة: تتمُّ فيها تهيئة وتحضير المواد الكيمياويَّة المضافة للمساعدة في عمليَّة التصفية وفق النسب المحددة بأجهزة ومعدات خاصة.

محطة الكلورين: تتمُّ فيها تهيئة وإضافة غاز الكلور الى الماء الصافي بواسطة منظومات خاصَّة وبنسبٍ محددة ليتمّ تعقيم المياه المنتجة.

المختبر المركزي: يحتوي المشروع على مختبرٍ يتوفر فيه جميع الأجهزة والمعدات المختبريَّة المتطورة للفحص خلال (24) ساعة ويتمُّ فحص الماء بالطرق الفيزياويَّة والكيمياويَّة والبايولوجيَّة وفق المواصفات العالميَّة لمياه الشرب وبملاكٍ متخصصٍ بالفحوصات المختبريَّة وبأحدث الطرق والأجهزة المتطورة المستخدمة في دول العالم لفحص مياه الشرب التي تخرج من مختبرنا بمواصفات عالية الجودة وصالحة للشرب 100 %. 


نقص الطاقة

وأثناء تجوالنا في موقع المشروع التقينا بالمهندس حكيم حميد مسؤول الكهرباء الذي رفدنا بالمعلومات بقوله: "يعمل المشروع بالكهرباء الوطنيَّة وتوجد مولدات كهربائيَّة نوع (كتربلر) عدد (6) وبسعة توليديَّة 3،8 ميكاوات للمولدة الواحدة للحالات الطارئة في حالة انقطاع التيار الكهربائي، بحيث تغطي هذه المولدات جميع تفاصيل المشروع وتسدّ نقص الطاقة الكهربائيَّة عند انقطاع التيار الكهربائي، لأنَّ المشروع يعملُ على مدار (24) ساعة من دون توقف والصيانة مستمرة فيه على عدد أيام الأسبوع، لأنَّنا حريصون على خزن المياه الصالحة للشرب حتى يتمُّ ضخها الى الشبكة الوطنيَّة".


المعوقات

عن المعوقات التي تواجه العمل في المشروع يشخص المهندس نبيل قاسم مسؤول منظومة السيطرة أبرزها بالقول: "نعاني كثيراً من التجاوزات على أنابيب المشروع من قبل الأهالي بصورة كبيرة، فضلاً عن مدّ الأنابيب الى المناطق الزراعيَّة المستحدثة في أطراف بغداد وبصورة عشوائيَّة ومن دون موافقات، وهذا يؤثر كثيراً في التجهيز للمناطق السكنيَّة ويسببُ ضغوطاً على الشبكة، ونحن في المشروع حريصون كل الحرص ألا يكون هناك أي إسرافٍ أو تبذيرٍ للماء في عملنا ابتداءً من مراحل العمل الأوليَّة بسحب المياه من النهر ثم دخولها مراحل التصفية، حتى أننا نقوم بإعادة المياه ذات الشوائب الى النهر، وعلى الرغم من قلة منسوب مياه النهر من 100 % الى 70 % ، لكننا ما زلنا ننتج الماء الصالح للشرب بالكميَّة المنتجة ذاتها والمذكورة أعلاه".


عدو شح المياه

وأخيراً وقبل ختام جولتنا في المشروع التقينا مدير المشروع المهندس عباس حيدر الذي حدثنا عن المشروع قائلاً: "المشروع يجهز ماء الشرب لمناطق واسعة من جانب الرصافة حيث يجهز مدن الصدر والبلديات والكماليَّة والمناطق المستحدثة المرتبطة بها، وكذلك مساندة مشروع شرق دجلة لتجهيز مناطق الأعظميَّة والصليخ والوزيريَّة وشارع فلسطين والمناطق المستحدثة بواسطة ربطات حديثة مثل الثعالبة وبوب الشام والإصلاح والفحامة والسريدات. ومستقبلاً وبعد إدراج توسعة المشروع في موازنة العام 2023 سوف نقوم بالتوسعة الكبيرة ليصل إنتاج الماء الصافي الى 2،275،000 م3 في اليوم بعد إنتاجه في الوقت الحاضر 910،000 م3 في اليوم".

ويضيف حيدر: "إنَّ هذا المشروع العملاق بعد اكتمال المرحلة الثانية منه سوف يغذي جميع الشبكات الوطنيَّة في بغداد بجانبيها الرصافة والكرخ بعد ربط الشبكات الوطنيَّة في الكرخ بهذا المشروع، وسوف يغطي مدينة بغداد بالكامل من دون نقصٍ وشُحٍ بالماء رغم استحداث المدن والزيادة العدديَّة للسكان، وهذا المشروع هو من أكبر المشاريع العملاقة التي تقوم بها أمانة بغداد/ دائرة ماء بغداد".

ويختتم حديثه إنَّ "الماء المنتج من قبل مشاريعنا هو ماءٌ صالحٌ للشرب وبمواصفات عالميَّة، لكنَّ الناس تعودت على شرب المياه المعبأة لأنها مياه حلوة المذاق خالية من الأملاح التي تفيد الجسم لهذا أصبح ماء الحنفيَّة غير مرغوبٍ به، هذا جانب، أما الجانب الآخر فيتمثل بالتجاوزات على شبكة المياه الوطنيَّة والسحب غير القانوني والتكسرات التي تحصل في الأنابيب نتيجة ذلك، ما يسبب أضراراً كبيرة على جودة مياه الشبكة نتيجة اختلاطها بمصادر مياه ملوثة".