الولاء والانتماء الوطني

العراق 2019/05/07
...

د. جبار صبري
 لقد وقعنا منذ تاريخ طويل في مشكل هذين المفهومين: بالوقت الذي يُراد منّا أن نذهب في عملنا او سلوكنا الى أبعد مما هو منحسر في خاصّنا ننكفئ على ذلك الخاص ولا نميز بينه وبين العام. اذ تقتضي الحاجة ان نبلغ الوطنية داخل الوطن لنعبر عن ارادة واعية تضم كل الجماعات وتعمل على توحيدها نبلغ ايضا الانكفاء الحاد في التعبير عن ذلك من زاوية جماعتنا المحددة حصرا لذات البلوغ. الأمر الذي ضيع علينا منذ ذلك التاريخ ما هو عام فيما هو خاص او ما هو خاص فيما هو عام. ضيع علينا الانتقال والادوار التي ينبغي ان تتمايز بين كليات موقفنا الوطني والولاء له او جزئيات موقفنا العقائدي او الايديولوجي او القومي والولاء له دون ما هو كلي.
حيث يتركب من مفهومين متغايرين: قدمت قاصدا الولاء منهما على الانتماء فيهما. واقصد من وراء ذلك اننا اليوم نرتب الاولية في التعامل او التماهي مع المفهومين على اساس الولاء اولا ومن ثم الانتماء ثانيا. 
نحن اليوم كممارسة قيمية او سلوكية نتعامل بالولاء الجزئي وهو الارتباط الجماعاتي الصغير قبل ان نتعامل بالانتماء وهو الارتباط الجماعاتي الكبير داخل الوطن. وسيأتي لاحقا تفصيل ذلك. لكن سأبدأ التفصيل لا من حيث ما نحن عليه اليوم من أولويات التبني بل من حيث التراتب الموضوعي للمفهومين وآلياتهما في توفير مناخ السلوكيات المجتمعية.    
يبدأ الفرد، ابتداءً، من غير ان يبتدئ معه موقفه، بالانتماء الى جماعة محددة. وفي هذا الانتماء تدليل رابطة الفرد بجماعة وحسب. ولكن تتأكد هذه الرابطة انتسابا أول وهلة قبل أن تتأكد موقفا او عاطفة او اخلاصا.. وهذا التأكيد يمكن تبيانه على نحو: ان الفرد ينمو في ظل جماعة. وان نموه هذا يشكل زيادة وجود قبل ان يشكل زيادة دلالة. فالفرد بطبيعته يستظل بجماعة لغرض الوجود المرهون بغرض التعايش الجمعي.
 ان المولود، كل مولود، حديثا ينتمي بضرورة جبرية الى جماعة: أسرة وجماعة تلك الأسرة، انتسابا ومن ثم اعتقادا. ولكن من غير ان يحدد موقفه الفكري او العاطفي ازاء تلك الجماعة ثم وبعد ذلك التحديد يعبر عن اعتقاده بسلوكه سلبا او ايجابا. اذن، اول الأمر  هو الانتماء واول الانتماء يأتي جبرا لا اختيارا ومن بعد ذلك، وكلّما نمى الفرد أكثر في ظل جماعة كلّما استطاع ان يحدد علاقته بالجماعة فيخلص لها او يبتعد عنها. اي أن نموه البدني يرافقه ايضا نموه الهوياتي. آنذاك يصل الى لحظة تحديد الموقف او تحديد صدق الارتباط من عدمه مع هذه الجماعة او تلك الجماعة.
  قد نحدد الانتماء الذي تشكل موصوفا بارتباط فرد بجماعة على نحو:
- ارتباط انتسابي: رباط الدم: ( الاسرة، العشيرة، القبيلة).
- ارتباط الجنسية: ارتباط الفرد بدولة.
- ارتباط المهنة: ارتباط الفرد بمؤسسة.