توطين الصناعة الدوائيَّة

اقتصادية 2023/09/26
...

وليد خالد الزيدي

يعتمد اقتصاد الدول في معظم الأحيان على سياسات تصحيحيَّة يدعو لها أصحاب الاختصاص حينما يرون موجبات العمل تأخذ طرق سدِّ الفراغ الذي يجب شغله في أيّ من حقول التنمية لتنشد التطور ومنها بلدنا الذي يمتلك كلَّ مقومات النهوض الذاتية كالإرادة الحقيقية والتخطيط السليم لتنشيط الاقتصاد وتعضيد مسيرته التنموية ليكون أحد البلدان التي تُحسب لها معالجة أزماتها الاقتصادية اعتماداً على مقوماتها الذاتية وليس فقط على العوامل الخارجية.السياسة الاقتصادية الوطنية الجديدة تتمثل في دعم قطاع الصناعات الدوائية التي يدعو لها القائمون عليها اليوم وتنطلق من فلسفة استثمار الكفاءات العراقية والكوادر الفنية المتخصصة في هذا المجال وتعزيز دورها في تمكين المجتمع العراقي لامتلاك وسائل الإنتاج المهمة، فضلاً عن الرؤية السليمة للنهوض بواقع الاستثمار الطبي بالاستفادة من خبرات القطاعين الحكومي والخاص في الصناعة الدوائية المختلفة وفي ظل التوجهات الحكومية لإعادة بريقها، كما كانت سابقاً، إذ انبرى كثير من أصحاب الشركات المتخصصة في هذا القطاع لطلب الإجازة بفتح مشاريع صناعة دوائية محلية، وتسلمت رئاسة الوزراء (40) طلباً لإنشاء مصانع أدوية بوشر بتنفيذ عدد ليس قليلاً منها وارتفاع عدد المسجل منها في الأشهر الماضية بعد قرار الحكومة توطين تلك الصناعة ودعمها.تلك الانطلاقات الواعدة قد سجلت توفر متطلبات العمل والمباشرة بتنفيذها وفقاً لمخططات ودراسات متخصصة تشمل صناعة أدوية لعلاج أمراض مزمنة كالسكر والضغط والربو فضلاً عن مضادات حيوية ضرورية وهذا الأمر إذا ما أردنا تعزيزه بعوامل نجاح لابد من تضافر جهود الجهات الحكومية وغير الحكومية لتطوير هذا القطاع لتحقيق مبدأين أساسيين أولهما النهوض بالواقع الصحي في العراق ذلك لأنَّ بلدنا يواجه حالياً تحديات كثيرة في أمنه الدوائي الذي تتم معالجته جزئياً وبشكل غير منظم بالاعتماد على شركات الاستيراد في ظل نقص حاد بأدوية تخص العلاجات المنقذة لحياة المرضى حيث يعد من البلدان غير المستقرة في المجال الصحي بسبب عدم وجود تصنيع دوائي يغطي حاجة المستشفيات الحكومية من الأدوية والعلاجات رغم أنَّ الصناعة الدوائية تعد أحد أهم ركائز أمن أي دولة في العالم. الأمر الآخر تعزيز واقع الاقتصاد الوطني بوضع جملة قرارات خاصة بأهمية تأمين تعاقدات وزارة الصحة وجميع مؤسساتها مع تلك المصانع فضلاً عن منافذ القطاع الخاص كالمذاخر والصيدليات والمستشفيات الأهلية لتزويدها بالمنتج المحلي من الأدوية المختلفة وهذا بدوره يأخذنا إلى وجهة أخرى لا تبتعد عما سبق ذكره في تلك المسألة وهي الاهتمام بالجودة والخاصية الطبية ذات الفاعلية والنوعية عالية التأثير في جسد المرضى والتسريع بشفائهم لتضاهي نوعيات الأدوية المستوردة من المناشئ الخارجية التي تثقل الموازنات السنوية للبلاد بكلف مالية ضخمة، وفي حال توفيرها يكون العراق قد حقق طفرة نوعية في تعزيز اقتصاده الوطني بعوامل دعم مالي كبير.