عواطف مدلول
بين إنسانيتها ومواهبها العديدة وجدت حنان البغدادي نفسها فنانة تشكيليَّة، وبالوقت ذاته خياطة ومصممة أزياء تراثية وحضارية، إلى جانب كونها ناشطة مدنية تسعى لمساعدة الأيتام والفقراء والارامل، فهي متواصلة بعطائها في انجاز المزيد من الحضور والإبداع في تلك المجالات. حيث نشأت في بيئة مشبّعة بذائقة حيَّة عميقة بمختلف أنواع الجمال، إذ إن والدتها كانت مصممة أزياء، ووالدها يعمل المنحوتات، ويكتب الشعر أيضا وأخاها النحات حازم محمد.
تقول: في طفولتنا كانت الأم تهتم بهندامنا كثيرا وتزيننا بأروع الأزياء، والأب يكتب لنا الشعر حتى نلقيه بالنشاط المدرسي في الساحة، ومن دواعي الفخر أني ترعرعت وسط تلك الأجواء الفنية الرائعة.
كما تبيّن أنها تأثرت كثيرا بالفنانين فائق حسن وجواد سليم وليلى العطار وخالد جبر وبرنامجه (المرسم الصغير)، الذي كانت تعشقه لدرجة كبيرة في الصغر وقد تعلمت منه الكثير.
وبخصوص بداية اهتمامها الفني تشير إلى أنها منذ الطفولة كانت تحب الرسم وعمل النحت على الصابون، ولديها شغفٌ واسعٌ بتفصيل وخياطة الملابس بكل أنواعها خاصة بعد سنة 1990 ، إلا أن انطلاقاتها الفعلية بالرسم وانتاج اللوحات، كانت في سنوات وباء كارونا، ومنها اخذت تثبت وجودها بمشاركات عدة في المعارض، التي تقام في بغداد، من ثم المحافظات لا سيما بعد رفع الحظر وعودة الحياة لطبيعتها على اثر انتهاء الأزمة العالمية، ورافق ذلك حرصها على تصميم الملابس التراثية، ولذلك قامت بإهداء الزي السومري للمتحف المتحول الثقافي.
ومن أهم مساهماتها كانت المشاركة بمهرجان الأنبار مع العراقية نيوز وصدى الأنبار، والرابطة العالمية للدفاع عن اللغة العربيَّة، بعرض للعباءة العربَّية والبغداديَّة، على وجه الخصوص فهي لديها ولع كبير بالتراث، حتى بالرسم كثيرًا ما يلفت انتباهها ويجذبها اللوحات الحضارية، التي تتضمن رموزًا من الآثار، وتعود بنا إلى الزمن الماضي الجميل بطقوسه الخالدة في ذاكرتنا، لا سيما إذا كانت تعبر وتتحدث عن المرأة بشكل خاص، وذلك يفسر سبب الحضور الطاغي للمرأة في معظم لوحاتها، حيث تؤكد أنها تجد النساء هن أساس الكون، سواء كن يؤدين دور الأم أو الأخت أو الزوجة والحبيبة، فبدونهن لا معنى للحياة
والوجود.
وعن اختيارها للزمن المثالي الذي ممكن أن يمنحها فرصة للإبداع، ترى أن ليس هناك أوقاتٌ معينة للوصول لتلك المرحلة، لأن الإنسان هو من يخلق أجواءه ويبحر في خياله بكل الأوقات، خاصة أنه الوحيد المالك لمفتاح الإرادة، الذي يجعله يسيطر على الزمن، ولا يضيع كل لحظة ممكن أن يستثمرها لصنع شيء عظيم.
أما اللوحة الأقرب إلى قلبها فقد أطلقت عليها تسمية (سلم الامل) رسمتها أيام كورونا، وقد رافقت ذلك ظروف صعبة اخرى مرت بها، لكن لم ينقطع الأمل عن تغيير الحال كان ذلك هو إيمانها
المطلق.
وبعيدا عن كل تلك العوالم الإبداعية تلفت البغدادي إلى أنها لو عاد بها الزمن، وعاشت ظروفًا أخرى لاختارت أن تكمل دراستها وتقتحم مجال الطب كعمل لها، مضيفة لكن يبدو أن الفن هو قدري الأبدي وأنا راضية تمام الرضا عن الولوج بدائرته والغوص في بحره.
وبالنسبة لأهم طموحاتها، تتمنى إنجاز عملٍ بالتصميم الذي يليق بالعراق على مستوى العالم.
وتختتم البغدادي بنصيحة للموهوبين، الذين يخشون الفشل من أولى خطواتهم نحو التألق والنجاح: في داخل كلِّ شخصٍ منا فنان يستطيع أن يبدع، فلا تيأسوا من أي نقد سلبي، وما عليكم إلا أن تجتهدوا في تطوير أنفسكم إلى الأفضل، وبتكرار المحاولة سوف تصلون لمبتغاكم وتحققون
أحلامكم.