بغداد: نوارة محمد
عند فوضى الشوارع، وازدحامات إشارات المرور، ودوي أبواق تنبيه العربات الذي يثير الأعصاب، يبدو مشهدُ النساء وهن يقدن السيارة بين الطرقات، أمراً مألوفاً هذه الأيام ولكنه لم يأخذ القبول الذي يستحق من
الرجال.
تقول سارة علي، 26 عاماً، لـ"الصباح": "في العام الماضي، سرق سائقُ عجلةٍ هوائيَّةٍ حقيبتي
ولم أستطع الدفاع عن نفسي لأنني كنت أسير في الشارع، والأمر لم يقف عند هذه الحادثة، فأنا أتعرض للكثير من المضايقات
والتحرش عند ركوبي وسائل النقل العام، السير في الشارع خطرٌ واللحاق بباصات النقل العمومي أخطر، فالتجأت لشراء سيارة خاصة بي".
وتتابع سارة "على الرغم من صعوبة تعلّم قيادة السيارات في الشارع العراقي إلا أنَّها الطريقة الأكثر أماناً لتنقل المرأة. نعم جميع النساء يواجهن نوعاً من التحرش، لكنَّ النساء اللاتي يقدن سياراتهنَّ يواجهنه بدرجة أقل، إذ يمكنهنَّ إغلاق نوافذ سياراتهنَّ وتجاهل أي كلمات سيئة أو سلوك سلبي".
شهدت السنوات الأخيرة ترندات على شاكلة "مكانك المطبخ" ومصطلحات يعدها المجتمع العراقي تجسيداً للهيمنة الذكوريَّة لكنَّ فكرة السير المتعثر لقيادة النساء للسيارات الشائعة عززت هذا الشعور لدى الرجال.
في هذا السياق تبين الناشطة المدنيَّة رسل أحمد أنَّه مع تزايد عدد النساء اللائي يدخلن سوق العمل أو يؤسسن للاستقلاليَّة تزداد حاجتهنَّ للتنقل، وتؤكد أنَّ "النساء جديرات بفعل ما هو أصعب من القيادة، لكون طموح النساء لا يتوقف عند هذا الحد، قيادة السيارات فكرة رائدة وظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة تنذر خيراً في محاولة للخلاص من قيود العادات والتقاليد الرتيبة". وتوضح "نجاح هذه الظاهرة واضحٌ لا سيما بعد أنْ تطورت الفكرة إلى دخولهنَّ سوق العمل الذكوري وكسر احتكار الرجال لبعض المهن كافتتاح مكتب لسيارات التاكسي بإدارة نسائيَّة والانخراط في تصليح السيارات وتعليم القيادة".
تُشير الدراسات والابحاث الى أنَّ الرجال يتسببون في نسب حوادث أعلى من النساء. يعودُ سبب ذلك الى التهور والسرعة الجنونيَّة في قيادة سياراتهم إذا ما قورنوا بالنساء، وهم عدا هذا وذاك غير ملتزمين بالقوانين المروريَّة، وبحسب دراسة منشورة في الولايات المتحدة، فإنَّ الرجال يتسببون بالحوادث بنسبة 71 بالمئة، وهذا الرقم ظلَّ ثابتاً منذ العام 1975 وبحسب مدير العلاقات والإعلام الرائد رياض عبيس الحمداني فإنَّ "نسبة حوادث السيارات لدى النساء هي الأقل مقارنة بالرجال، بسبب التزامهنَّ بتعليمات وقوانين المرور وقيادتهنَّ للسيارات بسرعات مقبولة".
وفي هذا الصدد تُبين أسيل محمد "يُزعجني السائقين الرجال، وهم يبدون نظرة استخفاف وتعجرف كما لو أنني ارتكتب خطأً فادحاً في قيادتي، ولا أحتمل نصائحهم إذا ما حاولت ركن سيارتي. وهم عدا كل هذا لا يحترمون
القواعد المروريَّة وغالباً ما يحاولون تجاوز سيارة تقودها امرأة لاعتقادهم أنهم ينجون من حادثٍ مدبر".