صيدليات الأسواق.. انفلاتٌ واستهزاءٌ بصحَّة المواطن

الباب المفتوح 2023/10/11
...

  بغداد: قاسم موزان 

 تصوير: نهاد العزاوي 

ما يثير الاستغراب، هو شيوع ظاهرة بيع الأدوية على الأرصفة وفي الأسواق الشعبيَّة جنباً الى جنب مع باعة الخضار، وكأنها سلعة عاديَّة ولا يعي البائع المخرجات العكسيَّة المترتبة جراء استخدامها من المريض لرخص أثمانها قياساً مع الصيدليات، ولا يدرك المواطن مصدر الدواء أو مدة صلاحيته وكيفيَّة الاحتفاظ به بدرجة حرارة معينة، ويبقى السؤال: من أين يحصل هؤلاء على هذه الأدويَّة؟

الدكتورة سلامة الصالحي أبدت قلقها من مشهديَّة باعة الأدوية على الأرصفة في بعض أسواق الخضار والخردة، الأمر الذي يشكل خطراً صحياً على الناس، ويعطي انطباعاً بأنَّ هناك انفلاتاً واستسهالاً في التلاعب بصحة الناس وسخرية من مؤسسات الدولة الأمنيَّة والصحيَّة وسيطرتها على هكذا سلوكيات مخلة، قد تودي بحياة الناس وقد تدسُّ فيها مخدرات ممكن أنْ يحصلَ في تلك المناطق غير الخاضعة للمراقبة والضبط؛ لأننا لا نعرف المخبوء تحت طاولة البسطيات التي تدلُّ على وجود خللٍ كبيرٍ في أمورٍ كثيرة.

ولفتت الصالحي الى أنَّه في الدول المنضبطة لا تعطي الصيدليَّة العلاج إلا بوصفة طبيَّة من طبيب، فكيف بنا وقد صارت الأدوية تباعُ على قارعة الطريق؟».


سوء خزن

بينما وصف الدكتور محمد إقبال شيوع هذه الظاهرة بـ»الكارثة»؛ لأنَّ باعة الأدوية هؤلاء يعرّضون تلك الأدوية بخزنٍ سيئٍ وهذا ما يسبب تلف العلاج والصرف، خصوصاً أنَّ الباعة غير مخولين قانونياً وهذا الشيء يسبب هدراً بالصرف، فضلاً عن أنَّ المريض سيتعرض لأوجاعٍ عديدة ولا يتعافى من مرضه».


مضار الاستخدام

من جانبها أشارت الصيدلانيَّة لينا حسين الى النتائج العكسيَّة جراء شراء الدواء من الباعة الذين يجهلون مضار استخدام الأدوية في حالات معينة التي تسهمُ في تعقيد وضع المريض الصحي، ونوهت حسين الى أنَّ «بعض العلاجات لها دواعي الاستعمال ومدة الصلاحيَّة والأخيرة تزول مع ارتفاع درجات الحرارة وبالنتيجة تفقد قيمتها العلاجيَّة».


محاسبة الباعة

كما أوضحت الدكتورة دعاء كاظم علي «في كثيرٍ من الأحيان يكون البائع هو الذي يعطي للمريض الدواء الذي يراه مناسباً من دون وصفة طبيَّة؛ أي يكون البائع هو (الطبيب)»، وأبدت «أسفها حين يكون المريض الضحيَّة، لا سيما أنَّ هذه الأدوية لا تخضع لشروط الحفظ أو التبريد، وكذلك هل لها مدة تاريخ صلاحيَّة معينة؟»، ولفتت الى ضرورة «قيام مسؤولي وحدة المراقبة في صحة بغداد والمحافظات بعمليات تفتيشٍ مفاجئٍ لأماكن بيع الأدوية في الشوارع ومحاسبتهم».


غلاء الأسعار

يقول أحد باعة الأدوية غير القانونيَّة (البسطيات) إنَّ «الأدوية التي يُقبلُ عليها الناس أكثرها أدوية الصداع وأوجاع المفاصل والإسهال، لكنَّ هناك أدوية أخرى يطلبها بعض الزبائن لأنَّه لا يمكنهم الحصول عليها إلا بوصفة طبيَّة، أي يقصد غير المرغوب فيه مثل (الحبوب المنومة، إسقاط الحمل، المنشطات)».

أما عن كيفيَّة الحصول على هذه الأدوية فقال: «هناك تسريبٌ من المستتشفيات الحكوميَّة أو التهريب عبر المنافذ الحدوديَّة»، وأضاف «بعض المواطنين يلجأ الى الباعة لشراء الدواء لغلاء سعره لدى الصيدليات ولا تعنيه دولة المنشأ

حينذاك».