ياسر المتولي
لطالما تتبعنا القرارات والإجراءات التي يتخذها البنك المركزي في سياسته النقدية وهنا في الصفحة الاقتصادية للصباح ومنذ العمل بالنافذة أي منذ أن أعلنت بدء مزاد للعملة إلى يومنا هذا وكان رصدنا للآثار الإيجابية والسلبية لها وتشخيصها في عديد مقالاتي هنا وكنا على قناعة بضرورة ترك السياسة النقدية تأخذ طريقها دون تدخلات برلمانية وحكومية عبر التصريحات من البعض غير المختصين .
الآن وقد استطاع البنك المركزي تهيئة الأرضية المناسبة لمغادرة مزاد أو نافذة العملة التي ساعدت في فترات سابقة تخطي أزمات سيولة كادت تطيح بقيمة العملة الوطنية .
فبعد اكتمال استخدام المنصة الإلكترونية بشكلها الصحيح ولو أن هناك ملاحظات تبحث عن حلول مقنعة وغير تبريرية، حان الوقت للاستغناء عن النافذة وتحويل عملية تمويل التجارة الخارجية عبر المصارف من خلال مراسليها في الخارج وبذلك رفع غطاء الوصاية عن المصارف الأهلية لأسباب كانت تتعلق بأدائها. الآن يتطلب منا تتبع مزايا هذا الإجراء الذي حدد تنفيذه مطلع العام المقبل .
أولى المزايا أنَّ هذا الإجراء أعاد للمصارف دورها ومسؤولياتها في تقديم الخدمات المصرفية التي هي الهدف من تأسيسها، وثانياً فأن هذا الإجراء سيحد من احتكار المصارف الحكومية واستحواذها على تمويل التجارة وبذلك سيسهم هذا الإجراء في مساعدة المصارف الحكومية الغائبة في عمليات تمويل التجارة الخارجية وتوليد سوق مصرفية تنافسية وكذلك سيساعد في تركيز رأس المال بيد المصارف الأهلية ويمكنها من رفع رأسمالها من مليار إلى 400 مليار ويعزز قدراتها الائتمانية لتسهم في عملية التنمية الاقتصادية وهذا هدف مهم بحد ذاته ولكن يبقى السؤال الأهم: ماذا بشأن المصارف المعاقبة الـ14 والمصارف الـ 4 الأخرى المعاقبة قبلها؟.
نعتقد أنَّ على البنك المركزي أن يساعد هذه المصارف لتمكينها من العودة لممارسة نشاطها المصرفي غير أن هذه المصارف مطالبة بتحسين أدائها من خلال الالتزام بشروط وضوابط البنك المركزي المتسقة مع متطلبات المعايير الدولية المطلوبة لممارسة النشاط المصرفي وذلك لتتمكن هي الأخرى من تلبية متطلبات رفع رؤوس أموالها يبقى سؤال مهم آخر، ما مدى تأثير غلق نافذة العملة على توفير السيولة المطلوبة لتغطية متطلبات الموازنة التشغيلية؟
نتفهم الإجراءات التي تتخذ في ظل هذا السؤال ولكن المهم إطلاع الجمهور بآليات معالجة هذا الجانب والتصدي للآثار قبل وقوعها وبالتالي نشر الثقافة الخاصة بكيفية التعاطي مع قرارات معالجة الأزمات بطريقة الصدمة لحين استقرار الأسعار.