بغداد: حيدر فليح الربيعي وشكران الفتلاوي
رحب عدد من خبراء الاقتصاد والمال بقرار وزارة المالية القاضي بإصدار «سندات الإعمار» وطرحها للبيع، مؤكدين أن الخطوة تحمل جملة فوائد، بضمنها امتصاص الكتلة النقدية الهائلة المكتنزة لدى المواطنين، والتي بلغت وفقاً لمختصين اقتصاديين، أكثر من 90 تريليون دينار، أي قرابة 91 بالمئة من إجمالي الإصدار النقدي في العراق، مبينين أن الإيجابيات الأخرى للقرار تتمثل في خفض التضخم وسد عجز الموازنة.
وأعلنت وزارة المالية إصدار سندات باسم (سندات الإعمار) وإتاحتها للبيع أمام المواطنين، مبينة أنَّ الخطوة التي تأتي بالتعاون مع البنك المركزي، تهدف إلى توفير ودعم الفرص الاستثمارية للمواطنين، حيث ستكون الإصدارية الأولى للسندات بقيمة تريليون ونصف تريليون دينار عراقي قابلة للتداول في سوق العراق للأوراق المالية، وستكون متاحة على شكل فئتين، تكون الأولى بسعر 500 ألف دينار بفائدة سنوية قدرها 6 % لمدة سنتين، في حين سيبلغ سعر الثانية 1,000,000 بفائدة سنوية قدرها 8 % لمدة 4 سنوات.
وعلى الفور من إعلان “طرح السندات” أعرب سوق العراق للأوراق المالية ترحيبه بالخطوة التي وصفها “بالمهمة” في تنشيط عمليات التداول من قبل المواطنين، في حين أكد معنيون أنَّ العملية تأتي تنفيذاً لقانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2023 الذي تضمن قيام وزارة المالية بإصدار سندات حكومية لتمويل عجز الموازنة.
الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي بيّن في حديث لـ”الصباح” أنَّ “الغاية من إصدار سندات الإعمار ذات الأجلين، تأتي لغرض سحب جزء من الكتلة النقدية أولاً من التداول، التي تجاوزت حدود الـ90 تريليون دينار، أي ما يشكل أكثر من 91 بالمئة من إجمالي الإصدار النقدي في العراق».
وأشار المرسومي إلى أنَّ “الجانب الآخر لخطوة وزارة المالية، يأتي لغرض الحد من عجز الموازنة، إذ إنَّ جزءاً من العجز، ووفقاً لما مثبت بقانون الموازنة يغطى من خلال الدين الداخلي ومنها إصدار السندات».
وعلى الرغم من إيجابيات “سندات الإعمار” في خفض التضخم وامتصاص السيولة وتمويل العجز، بيد أنَّ الخبير المرسومي يرى أنَّ “توقيت الإصدار غير مناسب”، مبيناً أنَّ ذلك يأتي بسبب وجود فجوة واسعة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار، وأنَّ هذا الوضع يؤثر في مستوى أسعار السلع، حتى لو كانت وزارة التخطيط تنشر بتقاريرها أنَّ متوسط التضخم لا يزيد على 4 بالمئة، إذ إنَّ ذلك الأمر محسوب على أساس عينة من السلع مقدارها 333 سلعة، وهناك العديد من السلع لا تدخل في حساب هذا المؤشر، وبالتالي عندما يكون مستوى التضخم مرتفعاً والفجوة بين السعرين الرسمي والموازي كبيرة، يكون الحافز لشراء السندات ضعيفاً جداً عند المواطن، لأنَّ الفائدة الحقيقية لا تصبح موجبة وإنما قد تتحول إلى سالبة أو صفرية، مبيناً أنَّ الفائدة الحقيقية هي الفائدة الاسمية ينقص منها مستوى التضخم.
وتأييداً للرأي السابق، عدَّ الخبير الاقتصادي الدكتور محمود داغر خلال تصريح مقتضب لـ”الصباح” أنَّ “تشجيع العمل بهذه الأدوات المالية يتطلب أن يكون معدل الفائدة أعلى بكثير مما أعلن في موضوع السندات المالية، لأننا إذا طرحنا معدل التضخم من معدل الفائدة الاسمي ستكون النتيجة معدل فائدة منخفضاً لا يشجع ولا يحفز على الدخول في عمليات شراء السندات، وبالتالي سوف تلجأ المصارف التي لديها أموال فائضة بالدينار إلى شراء هذه السندات».
المدير التنفيذي لسوق العراق للأوراق المالية، طه أحمد عبدالسلام، ذكر لـ”الصباح” أنه “وبعد الاكتتاب واكتمال شروط الإصدار الخاص بالسندات المعلن عنها، فإنها ستكون قابلة للتداول في سوق العراق للأوراق المالية بأسعار يوم الاستحقاق، وحسب الفئات التي صدرت بها».
وأوضح عبدالسلام أنَّ “الإصدارية الجديدة ستحقق نتائجها المرجوة من خلال التسويق عبر الجهاز المصرفي للمواطنين والمؤسسات والشركات، وستضيف إلى سوق العراق ورقة مالية جديدة يتم تداولها تحت منصة السندات باستخدام الأنظمة الإلكترونية».
بدوره، أكد رئيس رابطة مستثمري سوق العراق للأوراق المالية، الدكتور علاء الموسوي، خلال حديثه لـ”الصباح” أنَّ “إصدار سندات الإعمار يأتي تنفيذاً لقانون الموازنة العامة الاتحادية الذي تضمن قيام وزارة المالية بإصدار سندات حكومية لتمويل عجز الموازنة العامة الاتحادية، إذ ستحقق تلك الخطوة حزمة خطوات إيجابية إضافة إلى تمويل العجز، أبرزها سحب جزء من الكتلة النقدية المكتنزة لدى المواطنين خارج النظام المصرفي واستخدامها في تمويل المشاريع الخدمية والاستثمارية وتوفير فرص عمل للمواطنين وزيادة الناتج المحلي وتعزيز الاقتصاد الوطني، والمساهمة في خفض نسبة التضخم من خلال خفض السيولة النقدية المكتنزة لدى المواطنين والمساهمة في عدم ارتفاع أسعار السلع والخدمات من خلال خفض الطلب على شرائها لانخفاض السيولة النقدية لدى المواطنين، فضلاً عن المساهمة في تحسين سعر صرف الدينار العراقي «.
كما بين الموسوي أنَّ “إصدار سندات جديدة من شأنه أن يسهم في تشجيع المواطنين على الادخار واستثمار أموالهم والحصول على عوائد مالية جيدة، وأنَّ تداول سندات الإعمار في سوق العراق للأوراق المالية سيؤدي إلى تنشيط الاستثمار فيها، وسيسهم في زيادة التداول لدى المواطنين ويشجعهم على استثمار أموالهم في مجالات تخدم الاقتصاد الوطني».