بين الرعاية والضمان الاجتماعي

اقتصادية 2023/10/12
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي

قبل نهاية تشرين الثاني المقبل سيدخل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، بمواده الـ(109) حيّز التنفيذ، بعد ثلاثة أشهر من نشره في الجريدة الرسميَّة، ومن دون أدنى شك، أنَّ هذا القانون يمثل فتحاً ذا قيمة عالية وغير مسبوقة في ضمان حقوق العمال في القطاعات الثلاثة (الخاص والمختلط والتعاوني)، بما في ذلك العمل غير المنظم، أو الذين يعملون لحسابهم الخاص، وهذا بدوره يمثل بداية حقيقية لإزالة الفوارق بين موظفي القطاعين العام والخاص، على أمل أن نشهد هجرة عكسية من الأول إلى الثاني.
ويأتي صدور هذا القانون في ظل تهافت واسع من قبل الشباب للظفر براتب الحماية الاجتماعية، الأمر الذي أفقد سوق العمل الكثير من المهارات، فالكثير من الشباب يفضلون راتب الحماية الاجتماعية، على الرغم من تواضعه، على راتب الضمان الاجتماعي، ذلك لأنَّ الأول لا يتطلب عملاً أو بذل أيِّ مجهود، وفي ذلك مقتل لطموح الشاب، فيبقى يعيش حياة الفاقة طوال حياته، أما الراتب الآخر فيتطلب بذل الجهد والبحث عن عمل ودفع التوقيفات التقاعدية التي يتحملها العامل، وإن كانت بسيطة (5 ٪).
وهنا قد يكون في الحديث في حيثيات هذه القضية، استفزاز للكثيرين من الباحثين عن راتب الحماية الاجتماعية، ونسبة كبيرة منهم من فئة الشباب بعمر (20-40) سنة، إذ أصبح هذا الراتب المتواضع بالنسبة لهؤلاء عبارة عن مغنم، بدليل ما تكشف عنه وزارة العمل يومياً من حجم التجاوزات على الشبكة، وذهاب الإعانة إلى أناس ميسورين، والحق يقال إنَّ ما قامت به الوزارة في عهد وزيرها الحالي أحمد الأسدي، يمثل عملاً ومنجزاً غير مسبوق، عبر حملة (الباحث الاجتماعي)، إذ تم شمول أعداد كبيرة من الأسر والأفراد خلال هذه السنة بإعانة الحماية الاجتماعية، في ضوء أولويات البرنامج الحكومي، بالإضافة إلى المعالجات المتمثلة بكشف المتجاوزين على الشبكة، وهو أمر يحسب للوزارة والوزير.. ولكن أعتقد أنَّ قضية راتب الحماية الاجتماعية بحاجة إلى إعادة نظر، فلا ينبغي أن يكون راتباً مستديماً، لاسيما للشباب الأصحاء القادرين على العمل، إنما يكون عبارة عن دفعات إعانة، لحين الحصول على عمل، كما هو عليه الحال في الكثير من بلدان العالم، مع القيام بحملة تثقيف واسعة للتعريف بقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، لكي يدرك الشباب أهمية العمل، والضمانات المالية والصحية والتقاعدية التي سينعمون بها بموجب هذا القانون، كما أنَّ واقع الحال يستدعي التركيز على عملية منح القروض الميسرة للشباب، لتمكينهم من إنشاء مشروع مدر للدخل ومستدام، لاسيما مع زيادة حجم هذه القروض، إذ أصبح القرض (50) مليون دينار بدلاً من (10) ملايين دينار، إذ من شأن هذه الإجراءات أن تزيد من مهارات الشباب، وبالتالي سد متطلبات سوق العمل من الأيدي العاملة العراقية، بدلاً من استيراد العمال البنغال، وما ينجم عن العمالة الأجنبية من مشكلات أمنية واقتصادية واجتماعية معروفة.