أديلايد: وكالات
تخيل أنك تعيد شحن بطاريَّة هاتفك بنقرة زرٍ واحدة، أو تستعمل بطاريَّة تشحن مباشرة من الشمس، أو تمتلك أجهزة إلكترونيَّة لا تتوقف أبداً. إنها كلمات عن مستقبلٍ موجودٍ في تصورات مجموعة من العلماء تنكبُّ حالياً على تطوير تكنولوجيا قادرة، إذا نجحت، على إحداث تغييرٍ تامٍ في الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم، ومع بعضنا البعض.
بالتحديد، يتعلق الأمر بتكنولوجيا البطاريات الكموميَّة quantum batteries التي تخزن الطاقة من الفوتونات، وليس من الأيونات والإلكترونات على غرار ما تفعل نظيراتها التقليديَّة التي تعمل بالطاقة الكيماويَّة على شاكلة بطاريات أيونات الليثيوم الموجودة في الهواتف الذكيَّة والسيارات الكهربائيَّة. ولكن، تكمن المشكلة الوحيدة في أنَّ أحداً ليس متأكداً تماماً حتى الآن إذا كانت هذه البطاريات ستعمل فعلاً على نطاق واسع.
تشحنُ خلايا البطاريات الكموميَّة بشكلٍ جماعي بفعل عمليَّة التشابك الكمومي Quantum Entanglement . ونحصل تالياً على نتيجة غير متوقعة، تتمثل في أنَّ سرعة الشحن تتحسن مع زيادة حجم البطاريَّة. علاوة على ذلك، فهي لا "تتقدم في العمر" بالطريقة نفسها التي تعمل بها بطاريات اليوم، بالتالي فإنَّ قدرتها على الشحن لن تتضاءل أبداً، بغض النظر عن عدد دورات الشحن/ التفريغ التي تمر بها.
النموذج التجريبي الأول
صحيح أن البطاريات الكموميَّة ما زالت إلى حدٍ كبيرٍ في المراحل النظريَّة من التطوير، ولكنْ سبق أن ابتكر العلماء النموذج التجريبي الأول من البطاريات الكموميَّة. في العام الماضي، نجحت فرق بحثيَّة من أستراليا وإيطاليا، ضمن تعاون دولي، من ابتكار نموذج يؤكد إمكانيَّة تحويل مفهوم الامتصاص الفائق إلى حقيقة واقعة.
ويدعي أحد العلماء الذين قادوا البحث، الدكتور جيمس كواتش من "جامعة أديلايد" في أستراليا، أنه في المستطاع إنتاج الأجهزة الأولى الصغيرة التي تتضمن البطاريات الكموميَّة في غضون الثلاث إلى الخمس سنوات المقبلة.
وفي تصريح صحفي أوضح الدكتور كواتش أنَّه "من شأن توظيف استثمارات كثيرة أخيراً في الحوسبة الكموميَّة، يسعنا من الناحية المبدئيَّة النهوض بعملياتٍ أخرى حول نقل الطاقة أو حتى حصاد الطاقة بشكلٍ أسرع باستخدام التأثيرات الكموميَّة".
وأضاف "في الوقت الحالي، ثمة عددٌ صغيرٌ جداً من الأجهزة الأوليَّة التي تُشحن بواسطة الضوء، وقد صنعناها كي تكون دليلاً على إمكانيَّة تحويل هذه الفكرة إلى حقيقة. لذا، فإنَّ تطبيق الفكرة التي تمثلها تلك الأجهزة يجب أنْ يتعاملَ مع تلك القيود".
وتتضمن القيود استخدام الليزر أو الضوء بدلاً من الكهرباء لشحن البطاريات، ما يعني أنه لا بُدَّ من إعادة النظر في البِنْية التحتيَّة للشحن بالكامل قبل أنْ تصبح البطاريات الكموميَّة حقيقة واقعة واسعة الانتشار. كذلك تشمل الصعوبات الأخرى معرفة سبل تخزين وإطلاق طاقة البطاريَّة الكموميَّة، بطريقة بسيطة وموثوق بها.
شحن سيارة في 3 دقائق
ثمة عالم آخر يقف في طليعة المشاركين في بحوث البطاريات الكموميَّة، هو داريو روزا من "معهد العلوم الأساسيَّة" في كوريا الجنوبيَّة. وتشير عمليات روزا الحسابيَّة إلى أنَّ البطاريات الكموميَّة قد تُقَلِّص أوقات الشحن النموذجي للسيارات الكهربائيَّة منزلياً من 10 ساعات إلى ثلاث دقائق. وسيتراجع الوقت المطلوب لشحن تلك البطاريَّة في محطة شحن متخصصة، من 30 دقيقة إلى فترة زمنيَّة تزيد قليلاً على دقيقة، علماً أنه الوقت المستغرق تقريباً لملء خزان السيارة العاملة بالوقود.
وأكد الدكتور روزا أنَّ "التطورات النظريَّة تظهر أنه مبدئياً في المستطاع شحن البطاريات الكموميَّة بشكلٍ فوري، إذا ما توافرت عمليات الشحن الشاملة. وتبدو النتائج المحتملة لهذه القدرة مهولة".
كتب الدكتور روزا عدداً من الأوراق البحثيَّة عن البطاريات الكموميَّة، ما عزز معرفتنا بميزة الشحن الكمومي، وفق تسميتها، أي القدرة على الشحن بمعدلٍ أسرع وأسرع حينما تشحن خلايا البطاريَّة بشكل جماعي ككل.
ووفق الدكتور روزا فإنَّ "ميزة الشحن الكمومي ستسمح لهم بالشحن بمعدلٍ أسرع كلما ازداد تشابك البطاريات معاً أثناء عمليَّة الشحن. وفي الواقع، تعزى هذه القدرة إلى التأثيرات الكموميَّة".