كريم العراقي شاعر السهل الممتنع

ثقافة شعبية 2023/10/19
...

 سعد صاحب 

صحيح العراقي يكتب بطريقة واضحة، بعيدة عن المغالاة بالترميز، لكنه عند الضرورة ينتج أشعارا متعددة الأبعاد، تنحاز للدلالة الغريبة والرؤى المعاصرة، وهذه الكتابات محدودة ونسبتها ضئيلة جدا، وربما نعثر على مقطع  في قصيدة ما، من هذا النوع الذي يمتاز بالوعي والفكر والتركيز والتكامل.
(التفتت عيون النجوم/ يصدم الماي بسفرته الماي يطيوف السنابل/ السور الازرك مد ضلامه بصفنة الريح/ اعلى جنحان البلابل/ سهرت عيون النجوم/ ليل والشرجي ونثايه الغيم حامل/ وفوك روحك واكف انته/ الهيبه هيبة ابو الهول/ والصبر صبر اسد

بابل). 


ألغاز

في زمن يميل به الشعراء إلى التراكيب الصعبة، واختيار الصور الغامضة، واغراق القصيدة بالرموز والشخصيات والأسماء والعلامات والألغاز المبهمة، واستخدام المعنى المخفي للكلمات، ومشاكسة السائد الموجود في الساحة الأدبية، تبنى شاعرنا أسلوب المكاشفة، والتعبير الصريح عمّا يدور في وجداننا، من تغريب وخسارات وإخفاق ونجاح وعشق وهزائم.(وطيفي كد الدنيه يرسم/ شوك جاكوجي وبدلتي/ تنام اديه بغير اظافر/ حس كلبجه وصونده ودم عين ينضح/ والسوالف ويه راسي/ وراسي يحضن بالسوالف/ سنطه بالبنكه انتمرجح). 


مقاومة

كتب العراقي عن مواجع الشعوب المستلبة، وحقها في تقرير المصير، والعيش بحرية وكرامة واحترام وعدم تدنيس المقدسات، والتحرر من الطغيان وسيطرة الاستعمار، والخلاص من سطوة الكيانات الاستيطانية الهشة الضعيفة، العاجزة عن الصمود امام المقاومة، ويشهد التاريخ الانساني على الانتصارات العظيمة، من قبل الاوطان المنتفضة ضد المستعمرين.( يجيني أويه المطر لونك/ يمر شريانك بلاوس/ تزف كمبوديا اعلامك/ وخليجك شال قلمه وخط/ رهينه القدس 

بحزامك). 


معاناة

المحور الرئيس عند العراقي يتمركز في جراح الوطن، وما يستجد على أرضه من أحداث مدوية، تمس الحياة والكرامة والحرية والوجود والعدم، وهذا الوجع الوطني النبيل، يأتي ممتزجا مع العشق الشفاف، والمعاناة الذاتية المتمثلة بما يواجه الانسان، من الكراهية والعداء والامراض والانانية والقوة المدمرة، والمنافسة اللاشريفة على ثروات البلدان الفقيرة.

( الجرح والمجروح والجارح اسامي/ وهاي ماهاي الدروب/ الكل درب منها اسم/ النور ممشه/ الظلمه ممشه/ وفوت يل عندك جدم). 

الكتابة بطريقة السهل الممتنع، تحتاج إلى خبرة وانتباه وممارسة وتمرين، وهذا الاسلوب يضع الشاعر على المحك، لان مسافة صغيرة تفصل بين الانجاز الحقيقي، وبين المباشرة الفجة العديمة الجدوى، وتقع على كاهل المبدع مهمة التقاط العميق النافع واهمال الرديء، وهذا المنحى ليس عيبا شعريا، بل خطوة سليمة لمن يحسن استخدامها الصحيح، في اللحظة الشائكة وفي الوقت المناسب.(اجيتج ماشي كل حيلي/ بشمايل غيمه غضبانه اعلى شجرة نار/ مو عيب اليمد حلمه اعلى طول الكاع/ ويرش الدروب اشعار). 


لقاء

اثنى على المرأة باعتبارها محورا لكل المسميات الفاضلة، وعند العشق يختار الانثى من نفس الواقع الاجتماعي، الذي ينتمي اليه، فهي محاطة بالعادات والاعراف والتقاليد، لا تستطيع الخروج بموعد غرام، وعادة ما يكون اللقاء في الاماكن المسموح التواجد فيها، لا يتعدى كلمة عجلى أو ضحكة خجولة أو تلويحة حزينة.( صفن وجهي صفن عمري/ صفن شعري/ مشيتي وجنت اعاينلج/ مشيتي وكمت الاوحلج/ اشيل ايدي الاوح/ الاوحلج بيدي روحي وبيدي جفيه). 


جدار

اشعار تؤمن بالحب والعطاء والبذل والمساعدة والتعددية والحوار، وتحترم الضعف والليونة والهشاشة والخواء، و هي جدار سميك تستريح عليه الاجساد المجهدة، من متاعب الزمان، ومن الاعباء التي قوست ظهورنا مبكرا، وهي ند قوي للخشونة والكبت الفكري والتسلط والقمع والعقاب.(طاح جسمي بحضن جسمي/ شكك الجلاد رسمي/ محه عيوني محه شفافي/ حرك كتبي داس جسمي/ وراد بس ما كدر لاسمي).