بغداد: مآب عامر
"الكارما" حظيت بكمية من الاهتمام لا بأس به على موقع التواصل الاجتماعي، وحظي أصحاب هكذا محتوى بنسب مشاهدين عالية.. ولكن ماذا تعني "الكارما"؟
تعتبر "الكارما" من القوانين الكونية، أو كما هي معروفة عند المجتمع بعبارة "كما تدين تدان"، وتعني كل فعل سيئ أو جيد تفعله سيعود لك.. و "الكارما" معتقد ديني هندوسي وأيضا إحدى تعاليم الحياة الأساسية عند البوذية واليانية، وتعني بصورة أدق العقوبة أو المكافأة.. وهي بالمختصر كما يقال "كل ما يفعله الكائن الحي - إنسان أو حيوان- لا بد أن تترتب عليه عواقب، وهي تتوالد وتنمو إلى أن تنضج لتسقط على صاحبها، فيكون جزاؤه إما ثوابا وإما عقابا".
إن التركيز في الأفعال البسيطة أو المحاولة في تغييرها من الممكن أن يكسر دائرة "الكارما"، كما تعتقد الطالبة الجامعية روان عباس،21عاماً، وتقول إن "عقلها سجين داخل دائرة.
سجين بين أفعالها ورد أفعالها".. روان تعتبر نفسها من الشخصيات المنغلقة، وفي حال إمكانية مواجهتها لموقف ما أو أحتاج لشخص ما لمساعدة، فهي تفضل الانسحاب أو الاكتفاء بالمتابعة فقط، وتضيف: لا أقدم على فعل الخير أو الشر.
بحسب روان فأن أفعالها السابقة وفقا لنظرتها هذه كانت خاطئة، لأنها لم تتمكن من تقديم فعل الخير حتى لو كان صغيراً.. وهذا من جانبها يجعل مخزون أفعالها الحسنة قليلاً، بمعنى أن الفعل السيئ سينعكس عليها بشكل مضاعف، وتقول: لم أكن أعلم معنى "الكارما" وتأثيرها، ولا أتعامل بها، ولكن على أرض الواقع هي موجودة بكل تفصيلها وأكثرنا نحن المسلمون نلتزم بإيمان بها، فهي الكلمة الطيبة والعمل بالحسنى والأمر بالمعروف وغيرها من تعاليم الدين السامية.
إن الانعزال والابتعاد ورؤية الخطأ والتغاضي عنه وتجنب فعل الخير مهما كان صغيراً هذا كله تراه روان أسلوب حياة خاطئ، كما تضيف: أنا لا أدعو للمثالية، لكن حياتي الخاصة تدور بأخطاء وهفوات تعاد اليّ مهما كانت صغيرة أو بسيطة.. فمثلاً عند تعثر أو سقوط امرأة تسير وسط الشارع، فأنا اكتفي بالسكوت والمرور بقربها وكأني لم أرها.. وهذا ما حدث لي عند سقوطي في أحدى المرات فلم يبال أحد أو يهتم لأمري لحظتها.
وتتابع: دوما ماكنت أرى الفتيات يلتففن حول زميلة لي بالدراسة تشعر بتوعك بسيط في صحتها غاية في الاطمئنان عليها والاعتناء بها، وعندما أكون أنا بذات الموقف، وأشعر بتدهور حالتي الصحية أو أعاني من الالام حادة، للأسف لا أحصل على ذرة اهتمام.. للأسف دوماً ما أضع نفسي في محط مقارنة مع الآخرين من دون أن أضع أفعالي بهذه المقارنة، ولهذا السبب تعتقد روان بأنّ عدم تقديمها للتعاطف أو مراعاة غيرها فهي بذلك تبعد عن نفسها التعاطف معها والمراعاة. وكما "الكارما" تعود على أصحابها بحسب أفعالهم، فهناك اعتقاد آخر بأنها تحملهم تجارب غيرهم.. فمن الممكن اجبار شخص ما على الأخذ بنصيحتك ومنعه من خوض تجربته الخاصة واكتشاف اخطائه.. هذا الامر من الممكن أن يعود عليه بـ "كارما" سلبية ، كما الحال مع ايمان سلمان،36 عاماً، التي تقول ليس من طبعي أن أرى أمرا خاطئا وابقى ساكنة من دون التدخل، لأنني لا اؤمن بثقافة لكل ذي شأن شأنه، لا احتمل فكرة رؤية شخص يقوم بخطأ ما وأبقى صامتة".. هذا الامر جعل ايمان تحاول تصحيح مسارات حياة الكثيرين من الأشخاص حولها من دون ان تلتفت لحياتها وتهتم بشؤونها.. والنتيجة عانت الكثير من الاهمال وتعرضت للخيانة.. وهذا الأمر عاد عليها بحسب "كارما" خيانة زوجها لها، فضلا عن الحاجة المادية.. ما قدمته ايمان من نصائح لقريباتها تتعلق بالحياة الزوجية المثالية هي لم تتمكن من تطبيقها في داخل منزلها وعلى حياتها الشخصية.
لذا فهي ترى أن "الكارما" عادت إليها من خلال خيانة زوجها لها.
ولكن.. كيف تتجنب هديل وليد، 39عاماً، "الكارما"؟
تقول أن أعيش بسهولة ويسر، وأن أرضى بما اصابني وأتمسك بالمبادئ الاساسية في الحياة.. وأقدم على فعل الخير.
وتشير هديل إلى أهمية الشعور بالسلام الداخلي، وطلب المعذرة والسماح من اشخاص قد اخطأنا بحقهم، وتعلم الدرس كي لا يتكرر ثانية، فـ "الكارما" أو العقوبة ستظهر في حالات عدة، منها عندما يختفي شخص مؤذي من حياتك، ويظهر مكانه شخصاً أكثر إيذاء، وهذا الامر يعتبر "كارما"، وفيه درس لم تتعلمه لغاية الان، وهناك عقوبة أو تجربة صعبة يجب أن تركز جيدا على تفاصيلها.
للـ "كارما" أنواع كما يشاع عنها،
منها "كارما" ماضية وتعني كل أعمالنا الجيدة والسيئة التي سبق وقمنا
بها، وكذلك هناك نوع آخر وهو "الكارما" الحالية التي تعني بجميع أعمالنا تلك التي لم نحصد
جزاؤها حتى الآن، أما "الكارما" المستقبلية فهي تعني أعمالنا في
الوقت الحاضر، والتي سنلقى جزاؤها في المستقبل... ووفقا للمصادر فإن أصول "الكارما" ترجع إلى فكر التناسخ، أي أنّ "كارما" الاجداد وما فعله الشخص في حياته السابقة يعاد إليه.