مستحقات الفلاحين واستثمارها الأمثل

اقتصادية 2023/10/22
...

وليد خالد الزيدي

لم تكن الزراعة مجرد اختيار أرض خصبة وتحديد محصول لاستثماره فيها فحسب، بل المسألة تتعلق بتطبيق التكنولوجيا الحيوية وإجراءات التطور الحاصل في هذا القطاع الواسع والتعاطي معه بشكل يزيد من إنتاجيته ويحسن نوعية محاصيله، وفي مختلف الظروف، لأن هذا الأمر يمتد إلى تطبيق جميع مبادرات النهوض بالبيئة الزراعية وتوسيع مساحة مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني بعوامل تنمية واعدة.
وفي ظل التحديات المناخية التي يعاني منها العراق، لاسيما ارتفاع درجات الحرارة معظم أيام السنة، وأزمة المياه وشحها في مناطق واسعة من محافظاتنا المعروفة بإنتاجها الزراعي، أصبح لا بد من تطبيق المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تحسين إنتاج  المحاصيل الزراعية في المناطق المستهدفة للزراعة، ومنها إجراءات الدعم الحكومي المتمثل بإنهاء ملف مستحقات الفلاحين للعام الحالي وإنجازها بموجب توزيع الصكوك بشكل كامل بينهم جميعا في المحافظات ذات الوفرة الإنتاجية في القطاع الزراعي، وبحسب ما أعلنته وزارة الزراعة التي سبق أن قامت بتوفير مرشات الري بالتنقيط وتوزيعها بين الفلاحين بالتقسيط وبأسعار مدعومة، وكذلك تنفيذ حملات جوية لمكافحة الآفات، مع توزيع المبيدات الخاصة بتلك العملية.  
تلك الإجراءات تؤكد حرص وزارة الزراعة كجهة حكومية مختصة على زيادة حجم الاستفادة من عوائد هذا القطاع وانعكاساته الإيجابية على القطاعات الاقتصادية الأخرى كالصناعة والتجارة، سواء كانت داخلية أو خارجية، والنقل ومجمل العمليات الخاصة بتوفير وزيادة فرص عمل إضافية، كما تؤكد بوضوح أن بلدنا يشهد حاليا تغيرات اقتصادية جوهرية، من شأنها أن تعطي دورا أكبر للقطاع الخاص، بتأمين وسائل المكننة الزراعية الحديثة لغرض بيعها لأصحاب المشاريع الزراعية المختلفة، التي تسهم في دعم عملية التطور الاقتصادي وخلق بيئة مناسبة للعمل والاستثمار
والتنمية الشاملة والطموحة .
وهنا لابد من التأكيد على ضرورة عقد شراكة بين الجهات الحكومية المعنية بهذا القطاع من جهة، والفلاحين من جهة أخرى، ومن خلال التعامل السليم من قبلهم مع إجراءات وزارة الزراعة والدعم الذي تشملهم به والمتمثل في توزيع المستحقات بين أصحابها بشكل كامل، وضرورة وضعها في موقعها الصحيح، وشراء ما يحتاجون إليه من مستلزمات الزراعة الحديثة، كمرشات الري بالتنقيط والأسمدة ذات النوعية الجيدة ومواد الوقاية ومكافحة الآفات التي تفتك بالمحاصيل المختلفة، والابتعاد عن بعض الممارسات السابقة مثل استخدام تلك الأموال لشراء منازل أو سيارات خاصة أو الدخول في مشاريع لا تمت للزراعة بأي صلة، إذ كانت تلك المسألة مشكلة أخرى تواجه هذا القطاع حينما كان فلاحون كثيرون يشكون قلة الدعم الحكومي لهم، فأصبح الأمر مختلفا الآن، لاسيما أن البيانات السابقة أظهرت في الكثير من مؤشراتها وبشكل ملموس الاكتفاء الذاتي من محصولي الحنطة والشعير، ومن الممكن الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من محاصيل الخضراوات وبعض الفواكه التي ما زال العراق يستورد كميات كبيرة منها كل عام .