بغداد: سرور العلي
شغفت فاطمة عبد اللطيف بتطريز العبارات والقصائد بالخط العربي، وتفعل ذلك بواسطة ماكنة التطريز بالكمبيوتر، التي تقلل من وقت وجهد العمل، أما الورود والرسومات فتقوم بتطريزها يدويا، لا سيما أنها تعد عنصرًا أساسيًا في عالم الفن المطرز، كونها تضفي روحاً جميلة وأناقة للوحة، لذلك تحب أن تعطيها لمسةً روحية، والاعتناء بها جيداً، لكي تضفي السعادة في المكان الذي تتواجد به، وتطرز بخيوط الحرير أو البوليستر، أما الورود فتكون بخيوط القطن DMC الخاصة بالتطريز اليدوي.
وعن بداياتها أوضحت “بدأت بتعلم أساسيات بسيطة عن التطريز في المرحلة المتوسطة، في مادة التربية الأسرية، وقمت بتطريز رسمة فتاة صغيرة، بمساعدة والدتي، وخرجت بنتيجة رائعة كأول محاولةٍ لي، ثم انقطعت عنها حتى دخولي الكلية، إذ عدت لاستخدمها في عمل الهدايا المطرزة، وكنت أحب تقديم الهدايا المصنوعة يدويًا، فهي تعدُّ ثمينة وذكرى جميلة».
وتابعت حديثها “أن العمل مهما كان بسيطاً، فهو قابل للتطوير، ويمكنك دوماً إضافة لمستك وأفكارك الخاصة في عملك، ويمكنك أن تصنع من الشيء الصغير فكرةً مميزة، فأن حدود قدرات المرء تحددها فقط أفكاره”.
ومن التحديات التي واجهتها هي التعلم الذاتي، فعندما قامت بشراء ماكنة التطريز بالكمبيوتر، لم يكن لديها أي فكرة عن كيفية عملها، وعن أنواع البرامج المتوفرة لتحويل الصور إلى أنماط تطريز، وتحويل أنماط التطريز إلى صيغةٍ رقمية تتمكن الماكنة من قراءتها، لذلك كان عليها العمل بجدٍ لأيامٍ وليالٍ، والتنقل عبر العديد من المواقع الإلكترونية، وتجميع المعلومات اللازمة، وقد كانت هنالك بعض الإخفاقات والنتائج المحبطة، إضافة إلى مشكلات الماكنة الكثيرة، لكنها وفي كل يوم، كانت تبدأ من الصفر مجدداً وبالشغف نفسه.
وأشارت إلى أن مدة العمل تتفاوت بحسب صعوبة اللوحة، فبعض اللوحات يمكن إنهاؤها في يومٍ واحد، وبعضها تستغرق أسبوعاً، خاصة تلك التي تحتوي على الورود فتستغرق وقتاً أكثر، ولا يتطلب التطريز اليدوي أي معدات أو لوازم متقنة، فيمكنك فعل ذلك باستخدام قماش جيد، وخيوط تطريز، وأبرة مناسبة مؤكدة “ولكن عندما تدخل عالم التطريز ستكتشف المزيد من أدوات التطريز المختلفة، أقمشة ذات جودة عالية، وخيوطًا بأنواع مختلفة، وإطاراتٍ بأشكال متنوعة تغير تماماً طريقة تطريزك، وكل نوع من الخيوط يحدث فرقاً، وكل معلومة جديدة تزيد أعمالك جمالاً، وهذا ما يدعى بالخبرة”.
وتمتلك هواياتٍ أخرى ومنها، الرسم بالفحم والرصاص، والرسم بالمسامير والخيوط على اللوحات الخشبية، وكتابة قصص الخيال العلمي القصيرة التي تحبّها كثيراً. وتطمح فاطمة الحاصلة على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية، من الجامعة التكنولوجية، إلى افتتاح معرض شخصي، يضم العديد من لوحات التطريز المميزة الخاصة بها، وتزيين جدران المطاعم والمقاهي ذات الطابع الكلاسيكي بلوحاتها.
ولفتت إلى أن لزوجها الفضل الكبير، لأن فكرة شراء ماكنة التطريز من أجل تقليل وقت العمل والجهد كانت فكرته، وعندما كانت تُصاب بالإحباط من المحاولات غير الناجحة، كان هو من يدفعها للاستمرار، ويحاول مساعدتها بما يستطيع من صيانة الماكنة، ومعالجة مشكلاتها، أو البحث معها عن البرامج اللازمة، كذلك لأسرة زوجها وصديقاتها دورٌ مهمٌ بتقديم لها جميع الدعم.
وختمت فاطمة حديثها بالقول:
«هناك الكثير من المواهب المدفونة، وحب للعمل، والكثير من السعي والمحاولات التي تموت، بسبب قلة الدعم والاهتمام.
أتمنى الالتفات إلى المواهب الشبابية، ومساندتها معنوياً ومادياً، مثلاً بعمل معرض سنوي يستمر لعدة أيام، ويشارك فيه كل شخصٍ يمتلك موهبة، وتعرض أعماله أمام المجتمع، فالمواهب كثيرة، منها الغريب والفريد، ومن الظلم تجاهلها أو إهمالها، فتذهب مع مرور الزمن في مهب الريح، وعلينا أن نتوقف عن الاعتقاد بأننا تحت رحمة الوقت، وأن نبدأ في تخصيص الوقت للأشياء المهمة
بالنسبة إلينا».