جمال فرج باصات.. بعيد عن الأضواء

منصة 2023/10/24
...

  كاظم السيّد علي بهيـّة

في العام 1975 وعلى مدى خمسة أيام، وبالتحديد من 11 ولغاية 17 تشرين الأول، أقامت مديريَّة الفنون العامة في وزارة الأعلام آنذاك، معرضا شاملا لإعمال الفنان التشكيلي.. جمال فرج باصات. في الذكرى العشرين لرحيله.
وباصات.. فنان مميز ومبدع رغم بقائه بعيدا عن الأضواء، ولست مبالغا أن قلت بأنّه رغم عمره القصير، يكاد يكون بمصاف جواد سليم وحافظ الدروبي وفائق حسن وكاظم حيدر.
ومن الجدير بالذكر، إن الذين يعرفونه قلة جدا، لكن الفنان الكبير كاظم حيدر كان  يتحدث عنه ويذكره كثيرا ويعرفه عن قرب ويشيد بفنه.. ولد هذا الفنان عام 1931 في إحد بيوت مدينة بعقوبة، واختتم حياته عام 1955 عن عمر يناهز الـ 24 عاما، لكنه غير معروف، إلا من بعض زملائه الفنانين وكان أكثرهم الفنان القدير الراحل كاظم حيدر.
ضم معرضه المذكور 82 عملا فنيا تكريما لما قدمه هذا الفنان من محاولات رائدة في الفن العراقي المعاصر، لكونه مزج حياته بالفن وسعى إلى تشكيل مفهوم فني وطني مرتبط بالشرط الإبداعي الاجتماعي، وقد تجسد ذلك في مزج العديد من الأساليب الفنية، كالتجريدية والتعبيرية والرمزية والانطباعية، في أعماله التي استمدها من الواقع والخيال، وعبر عنها بموهبته، ولكن لم يعد هناك من وجود لفرج باصات ولعشرات الفنانين والأدباء والمفكرين لإثراء الساحة الثقافية.
لذا، على وزارة الثقافة، استعادة أعمالهم وعرضها أمام الأجيال، للاطلاع على تلك الروائع الفنية، والاستفادة من معانيها الثرة، كما إن إقامة نصب تذكارية وتسمية قاعات فنية باِسمائهم مهمة جليلة أيضا، وهذا هو تقليد جميل متبع في الكثير من البلدان، فمثلا في عام 1947 لم يكن هناك من وجود لبيكاسو في المتاحف الفرنسية، أما اليوم فقد أصبحت فرنسا المالكة الرئيسية لأغنى مجموعة في العالم لأعمال بيكاسو، وقد كتبت إحدى الصحف الفرنسية عندما افتتح معرض بيكاسو: "لو اكتشف النفط في أي مكان من فرنسا لما اهتم الناس به، مثلما اهتموا بافتتاح معرض بيكاسو" وهذا شيء جميل ومفرح، أن تهتم الشعوب بمبدعيها.
المهم، إن من حق جمال فرج باصات، الاهتمام والتقدير المناسبين في منجزه ومستوى فنه والمآثر البارزة التي خلفها، وحبذا لو أخذت وزارة الثقافة على عاتقها إقامة نصب تذكاري في مدينته "بعقوبة" مسقط رأسه، ومتحف ضم أعماله كافة، يزار من محبي هذا الفن وعلى مدار السنة، وفاء لما قدمه هذا الفنان في مسيرة الفن العراقي المعاصر، ولكونه واحدا من الرواد الذين انتبهوا للحقيقة.