محتوياتٌ هادفةٌ تتربعُ على عرشِ مواقع التواصل الاجتماعيّ

ريبورتاج 2023/10/25
...

 كولر غالب الداوودي


يعد العديد من الأشخاص اليوم، صناعة المحتوى مهنة يسيرة، ومن الممكن أن يتقنها الجميع بسبب وجود ما توفره الميديا من مميزات تسهل مشاركة الأفكار والآراء بكل حرية، ولكن في الحقيقة صناعة المحتوى تستدعي بعضاً من المهارات الإبداعيَّة والفنيَّة التي لا بُد من توفرها في صناعته بصورة عامة.

ويقدم المحتوى الهادف قيمة إضافيَّة للمجتمع، سواء عن طريق اكتساب معرفة تساعد على تجديد الأفكار، أو تغيير بعض العادات غير المرغوب فيها.


تقييد وعقوبات

وفي الآونة الأخيرة وبسبب زيادة انتشار أصحاب المحتوى الهابط وتأثيره السيئ في المجتمع، لا سيما في فئة المراهقين، فرضت الحكومة العراقيَّة عقوباتٍ وقيوداً، نالت من بعض صناع المحتوى الهابط، وتمَّ إلقاء القبض عليهم ضمن حملة أطلقتها وزارة الداخيَّة العراقيَّة، فضلاً عن تفعيل منصة "بلغ" التي أتاحت للمواطنين التبليغ عن المحتوى الخادش للذوق العام، والغاية منها كما أوضحت الجهات الخاصة هي إصلاح القيم التي حاول البعض طمسها.

من جهة أخرى برز بعضٌ من صناع المحتوى الهادف الذي أدى إلى تراجع صناع المحتوى الهابط، وقلَّ ظهورهم في السوشيال ميديا.

وفي هذا السياق تحدث سرمد بليبل، (إعلامي وصانع محتوى في مواقع التواصل الاجتماعي)، قائلاً: إنَّ "المحتوى الإيجابي كفكرة ومضمون يعدُّ صناعة جديدة تشبه ما تقوم عليه الدراما من مهمة نبيلة، وهي منح المجتمع المزيد من الأفكار والتطلعات التي تجعل من الجيل الحالي جيلاً يفكر وينتج ويعمل من أجل المجتمع، وأنَّ الوسط الثقافيّ العراقيّ بوصفه وسطاً مُستقبِلاً وليس مانعاً قد منح الكثير من الأسماء فرصة صناعة المحتوى من دون رقابة، وأقصد بالرقابة هي بشأن فكرة المحتوى وقيمته الإنسانيَّة والفنيَّة وحتى اللغويَّة بدون تضييق حرية الرأي".


بداية جديدة

واستمر سرمد في سرده لـ(الصباح): "نحن اليوم أمام مرحلة مختلفة، فكل الأسر تدرك الآن أكثر من أي وقت مضى أنَّ الهواتف في متناول الأطفال ليست فكرة جيدة من دون رقابتهم عليها، وأنَّ المحتوى الإيجابي الذي يركز على الحياة اليوميَّة والطبيعيَّة وكذلك الشخصيات الناجحة في المجتمع بدأ ينتشر بشكلٍ كبير، لا سيما أنّ العراق في الفترة الأخيرة شهد حضور صانعي المحتوى الذين يملكون أرقاماً كبيرة على اليوتيوب، وبدأوا بإنتاج مواد مهمة عن المدن التاريخيَّة العراقيَّة فضلاً عن التنوع الثقافي المهم في بلاد الرافدين أم الأرض وأول البدايات".


سياسة الخوارزميات

أما أثير سليمان، (صحفي وصانع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي)، فعبر عن رأيه عن هذا الموضوع، قائلاً: "إنَّ المتابع الواعي لمنصات التواصل الاجتماعيّ في العراق كان يعاني لفترات طويلة من ظهور مقاطع هابطة بسبب سياسة الخوارزميات التي ترفع المشاهدات للمقاطع الهابطة وتفاعل الطبقة غير المتعلمة مع هذه الصفحات".

يتابع أثير كلامه: "نلاحظ من ناحية أخرى صناع المحتوى الهادف يعانون من عدم وصول مقاطعهم بالشكل المطلوب، وقرار وزارة الداخليَّة بمحاربة المحتوى الهابط كان له دورٌ كبيرٌ في محاربة هذه الصفحات وكانت النتائج إيجابيَّة بابتعاد الهابطين الآخرين خوفًا من المحاسبة".

وأضاف، أنّ "هذه الخطوة فتحت الأبواب لصناع محتوى هادفين ليشاهدهم الناس، وبالتالي يمكن أنْ نسميها صحوة شبابيَّة للبحث عن الهادفين في المجتمع والاستفادة منهم وزيادة وعي الشباب، ولكنْ رغم التقدم الملحوظ يبقى صناع المحتوى الهادف بحاجة لدعمٍ من قبل المؤسسات الحكوميَّة وغير الحكوميّة ليمكنهم التميز والإبداع أكثر".


مستقبلٌ أكثر وضوحاً

وفي ختام كلامه، ينوه سلمان "ما زال صناع المحتوى الهادف يراهنون على وعي الجمهور، وهم متأكدون بأنّ السنوات المقبلة ستشهد زيادة أعداد الشباب الباحثين عن المعلومة المفيدة التي يحصلون عليها من متصدري صناعة المحتوى المفيد للمجتمع".