مرقدُ عبد الله الصالح.. درّةٌ شاخصةٌ ورمزٌ ديني لمدينة الكوت

ريبورتاج 2023/10/29
...

  عامر جليل ابراهيم

  تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعيَّة

في منطقة حدودية محاذية للجمهورية الإسلاميَّة الايرانيّة وبين بساتين النخيل يقع مرقد عبدالله الصالح (ع) في محافظة واسط ـ قضاء بدرة الصوب القديم محلة (الكمكمية) ويبعد عن المدينة بمسافة كيلومترين وعن الحدود العراقيّة ـ الايرانيّة سبعة كيلومترات، وعن مركز محافظة واسط سبعين كيلومتراً.

(الصباح) وضمن سعيها للتعريف بالأماكن السياحيّة الدينيَّة في العراق زارت المزار والمرقد الشريف وألتقت بالأمين الخاص للمزار السيد عادل طه ياسين ليحدثنا عن تفاصيله. 


تاريخ تقريبي

يقول الأمين الخاص: هو السيد عبدالله الصالح بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الإمام الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وأمه أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر.

يضيف الأمين الخاص قائلا: من المؤسف بأن الكثير من أولاد أئمة أهل البيت عليهم السلام لم يسجل لهم تاريخ ميلاد على نحو دقيق، إلا أنّنا بفضل الله ومن خلال بضعة مواقف يمكننا أن نحدد الفترة الزمنية التي ولد فيها الإمام عبدالله الصالح حيث ولد في مكة المكرمة ما بين عامي (152هـ ـ 154هـ)، تلك الفترة التي توارى بها أبوه موسى الجون عن عيون المنصور وقيل بأن ولادته كانت في سويقة المدينة.


ملاحق

أما عن وفاته فيؤكد الأمين الخاص: أن الإمام عبدالله الصالح ظل متواريا ومتخفيا عن عيون السلطة العباسية حتى وصول المتوكل إلى الحكم وكان الأخير يبحث هو الآخر عن الإمام الصالح للقضاء عليه، لكن بالرغم من كل هذا وذاك فقد فشلوا خلفاء بنو العباس في العثور عليه، ولأن عبدالله الصالح كان يتنقل من بادية إلى أخرى حتى آل به الأمر أن يستقر في بادية بادرايا ـ قضاء بدرة حاليا، استقر في هذه المدينة التي كانت تحمل اسم بادرايا والان تسمى بدرة، متخفيا إلى أن مات مظلوما في ليلة الخامس عشر من شهر رمضان المبارك العام 247هـ وله من العمر بضعة وتسعين عاماً تقريبا والله العالم.


معاصر الائمة (ع)

ويمضي الأمين الخاص بالقول: عاصر الإمام عبدالله الصالح أربعة من المعصومين عليهم السلام، إلا أن أغلب الإحداث والمواقف حصلت أيام معاصرته للإمام الرضا (ع) وهم كل من: الإمام موسى الكاظم عليه السلام والإمام علي الرضا عليه السلام والإمام محمد الجواد عليه السلام والإمام علي الهادي عليه السلام وفي زمن الإمام الهادي (ع) توفي عبدالله الصالح.

وعن معاصرته للخلفاء العباسيين يوضح الامين الخاص بالقول: إنّ الإمام الصالح عاصر تسعة من خلفاء بني العباس وهم: المنصور ومحمد المهدي العباسي وموسى الهادي العباسي وهارون العباسي والامين العباسي والمأمون العباسي، فضلا عن المعتصم بالله العباسي والواثق بالله العباسي والمتوكل على الله العباسي. 

وأغلب المواقف التي برز بها السيد عبدالله الصالح كانت على عهد المأمون والذي حاول الأخير أن يوليه العهد بعد شهادة الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في خرسان، إلا أنّه أبى ورفض وجابه المأمون بقوة الرفض وبعث عدة رسائل أعلن بها رفضه التام لهذا الطلب الدنيوي.


المرقد عمرانا وسياحة

وفيما يخص مساحة المزار يؤكد الأمين الخاص للمزار: أنّ مساحة المزار، البناء فقط هو 325 مترا مربعا، الطول 20مترا والعرض 5,16 مترا مربعا الذي بداخله القبر الشريف المحاط بشباك مصنوع من الخشب بطول المترين وبعرض متر ونصف المتر وقاطع خشب يفصل حرم الرجال عن النساء وهو مناصفة بالقياس، أما القبة فارتفاعها 16 ـ 18 مترا مربعا مغلفة من الخارج بالكاشي الكربلائي، وللمزار حدائق خارجية قياسها بالدوانم عليها أشكال لم نذكر مساحتها لكن نحن نستخدمها لاستضافة الزائرين.

يستمر الأمين الخاص للمزار عادل طه ياسين بحديثه حول مراحل إعمار المزار بالقول: كان مرقد الإمام عبدالله الصالح (ع) مبنياً باللبن وجذوع النخيل وفي الداخل قبر صغير مغطى بصندوق خشبي يحتوي على ثلاثة جدران بارتفاع مترين وبعرض متر واحد، وكان له باب خارجي من الخشب، وتقع بالقرب من المرقد الشريف مقبرتان واسعتان كانتا تضمان قبورا للموتى، وإلى الآن لا تزال هاتان المقبرتان قائمتين ويدفن فيهما حتى اليوم الأطفال الرضع والصغار، في العام 1980 قامت وزارة الأوقاف المنحلة بإعادة بنائه بجهود من المرحوم علي محمد خلف، وبقي على حاله إلى أن تم ضمه إلى الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة العام 2008، حيث قامت الأمانة بطلاء الحرم من الداخل والخارج وعمل قاطع يفصل جهة النساء عن الرجال وجهز بشباك قديم من أحد المزارات وعمل مسقفات بعدد 2 لإيواء الزائرين وصب الساحة الخارجيّة، ومن المشاريع التي ننتظرها من الأمانة العامة للمزارات الشيعيَّة توسعة المزار وبناء صحيات بحيث تغطي أعداد الزائرين، خاصة في الزيارات المليونية او أعداد الزائرين الايرانيين الداخلين من المنفذ الحدودي بسبب قرب المزار من هذا المنفذ. 


المتنفس الوحيد

أما عن النشاطات والزائرين فحدثنا السيد معاون الأمين الخاص السيد عادل كرم علي قائلا: يستوعب المزار اكثر من ألفي زائر وأضعاف هذا العدد في الزيارات المليونية وتكون زيارة المرقد يوميا في الليل من قبل عوائل القضاء كون المرقد يعد المتنفس الوحيد في القضاء من الناحية الدينيَّة والسياحيّة، وتكون زيارة المحافظات إلى المرقد أيام العطل والجمع والسبت والمناسبات الدينيَّة وأيام عيد الأضحى وعيد الفطر المباركين، فضلا عن عيد نوروز والعطلة الربيعيَّة، ويقام في المزار عدد من النشاطات الثقافيَّة والقرآنية على مدار السنة لكن ليس بشكل كبير كون المزار

بعيدا.


مشاريع مستقبليَّة

يختتم الأمين الخاص للمزار السيد عادل طه ياسين حديثه بالقول: من المشاريع المستقبليَّة للمزار بناء المحال التجاريَّة بعد توسعة المزار وبناء مدينة ألعاب ومطاعم وقاعات تستوعب أعداد الزائرين ودار للضيافة وغيرها من الخدمات التي توفر سبل الراحة لزائري المزار.