عبدالزهرة محمد الهنداوي
بحلول الساعة السابعة صباحاً، تبدأ شوارع العاصمة بغداد بالاختناق، تزامنا مع بدء ساعات الدوام الرسمي، في المؤسسات والجامعات، والمدارس، والمعامل، ويُعزى هذا الاختناق إلى عدة أسباب، من بينها تزايد أعداد الموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص، على حد سواء، رافق ذلك وجود عدد كبير من السيارات التي تسير في شوارع العاصمة، إذ لم تعد عملية امتلاك السيارة أمرا صعبا، ما أدى إلى تراجع النقل العام بنحو ملحوظ، فتجاوزت الشوارع طاقتها الاستيعابية..مع الإشارة إلى أن مشهد الاختناق هذا يكاد يكون ملازما لشوارع العاصمة، ولكنه يبرز بنحو صارخ في ساعات الصباح وساعات الظهيرة وعند المساء.
ولو أردنا احتساب الكلف الاقتصادية المنظورة وغير المنظورة لهذه الصورة، لوجدناها أرقاما صادمة، سواء ما يرتبط منها بـ"كميات" الوقت المهدور، والوقود، وصيانة السيارات، والشوارع، ناهيكم عن مستويات التلوث البيئي الذي ينجم عن الانبعاثات الكربونية من هذه السيارات.
وفي الحل، يأتي دور الحكومة، للبحث عن حلول ومعالجات، يمكن أن تسهم في تفكيك هذه المشكلة، أو في الأقل تقليصها إلى أدنى مستوى لها، وفعلا، فقد اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات العملية، لمعالجة اختناقات العاصمة، بدأتها بفتح جميع الشوارع المغلقة، في جميع المناطق، ثم القيام بأكبر حملة تأهيل للشوارع، تلا ذلك الشروع بتنفيذ الحزمة الأولى من مشاريع فك الاختناقات، التي بلغ عددها نحو 16 مشروعا تشمل أنفاقا وجسورا ومجسرات وتوصيلات، وعلى الرغم من أن بعض هذه المشاريع تسببت بحدوث اختناقات في بعض المناطق، بحكم طبيعة الأعمال الضخمة، إلا أن أغلب الناس ينظرون إليها بإيجاب، على أمل اكتمالها في أسرع وقت ممكن، لتتنفس بغداد بعدها شيئا من الراحة.
وثمة خطوة أخرى تقدمت بها الحكومة، تلك هي تقسيم بدء وانتهاء ساعات الدوام في الوزارات والمؤسسات، لتكون بنحو متفاوت، إذ تم تقسيمها إلى مجموعات، وكل مجموعة تبدأ بوقت وتنتهي بوقت، والبداية الأولى عند السابعة صباحا، وصولا للساعة العاشرة، والانتهاء يبدأ في الساعة الثانية ظهرا، لينتهي عند الساعة الخامسة مساء.
ونظام مثل هذا، من شأنه أن يقلل من زخم الحركة في الشوارع، ويعطي وقتا أطول للدوائر الحكومية لكي تنجز المزيد من الأعمال، كما سيكون بإمكان المواطن، اختيار الوقت المناسب للمراجعة إذا كانت لديه أي معاملة في هذه الدائرة أو تلك، ولكن في المقابل، علينا أن نفكر جديا، بإيجاد الحلول المستدامة لمعالجة واقع بغداد المختنق، ذات العشرة ملايين إنسان، نعم، ستسهم الخطوات المشار إليها في التخفيف، ولكنها ليست جميع الحل، فالحل يكمن في الانفتاح على الجوانب، والبدء بإنشاء العاصمة الإدارية، والمدن السكنية الجديدة في الأطراف، لسحب الاكتظاظ الحاصل في بطن العاصمة، وتحقيق التنمية في تلك المناطق (الأطراف) التي تعاني الكثير من المشكلات التنموية.